ضرورة إنهاء الحرب

00:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

عبدالله السويجي

إنها الحرب.. قتلى وجرحى وتدمير منازل وتهجير مدنيين. إنها الحرب.. أيتام وأرامل ومعاقون وأمراض نفسية وعاهات مستدامة. إنها الحرب.. القلق المزمن والخوف والهلع. إنها الحرب.. تدمير البنى التحتية والإنجازات الحضارية، وربما المعالم التاريخية.

والإنسان، على الرغم من تمدّنه، فإنه يتحوّل إلى وحش وقت الحرب، يقتل ويذبح ويغتصب ويحرق ويبقر البطون، مدفوعاً بغريزة حيوانية وحشية، تؤكد أنانية مفرطة.

ولأن الإنسان يعلن عجزه عن الالتزام بالسلام والحوار، ويترك احتمالات نشوب حروب واردة تماماً، فقد وضع قوانين للأفراد غير العسكريين؛ بحيث يوفّر للمدنيين الحماية في أوقات الحرب. بعد الحرب العالمية الثانية، وقّعت الدول على اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949، وهذه تمنع استهداف المدنيين ومنازلهم وممتلكاتهم، ودور عباداتهم ومدارسهم ومستشفياتهم، وتمنع قتلهم أو أسرهم أو طردهم من منازلهم، وتمنع تعذيبهم والتنكيل بهم، وتدعو إلى معاملتهم معاملة حسنة حتى لو كانوا تحت الاحتلال.

ولم تنس القوانين، الصحفيين والمراسلين، وإن فرّقت بين المراسل الحربي والمراسل المدني، وكلاهما محمي، إلا أن المراسل الحربي قد يتعرض للموت، لأنه يقوم بواجبه من ساحة المعركة، أو بالقرب منها، لكن يُمنع استهدافه مباشرة، فهو محمي بالقانون الدولي الإنساني الذي يمنحه حصانة، لكن الواقع غير ذلك؛ حيث يقول تقرير لليونيسكو، إنه قُتل في عام 2022 قرابة 86 صحفياً ومهنياً يعملون في مجال الإعلام في العالم، وارتفع عدد الصحفيين القتلى في المناطق التي تشهد نزاعات إلى 23 صحفياً في عام 2022 مقابل 20 صحفياً في عام 2021، ويشير التقرير إلى أن زيادة عالمية في عدد جرائم قتل الصحفيين حدثت في المناطق التي لا تشهد نزاعات، وتضاعف العدد من 35 حالة في عام 2021 إلى 61 حالة في عام 2022.

ويبدو أن منظمة الأمم المتحدة قد عجزت حتى اليوم عن تطبيق القوانين التي أقرّتها، وبقيت قراراتها حبيسة الأدراج، وهو أمر يدعو إلى الريبة والشك والتساؤل، فقد صدر القرار رقم (194) على سبيل المثال، الذي يدعو إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجرتهم منها إسرائيل في عام 1948، الذي يسميه العرب «عام النكبة»، بينما يسميه الإسرائيليون «عام الاستقلال»، وفي السياق ذاته، رعت الأمم المتحدة والدول العظمى في مجلس الأمن اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن لم يتدخل أي من الرعاة لتنفيذ الاتفاقية، وتخفيف معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، ولم يتدخل أحد لوقف الحرب المجنونة التي تدور رحاها حالياً بين غزة وإسرائيل؛ بل إنهم لا يتخذون موقف الحياد، ويحشدون أساطيلهم وسفنهم وطائراتهم، وينحازون بشكل مباشر لإسرائيل.

فشل منظمة الأمم المتحدة سبب رئيسي لاستمرار الحروب بين الطرفين، واستمرار وقوع الضحايا من مدنيين وعسكريين، إضافة إلى عدم الاستقرار. كل هذا مفهوم في الصراعات، لكن أن يصف وزير الدفاع الإسرائيلي الفلسطينيين ب«الوحوش البشرية»، فهذا الوصف يعني تبرير قتل (الوحوش)، والتعامل معهم بقساوة منقطعة النظير، ويذكّرنا بالتعليمات التي أُعطيت للعصابات الإسرائيلية قبل قيام إسرائيل، بأنهم يقاتلون شعباً وحشاً متوحشاً، وربما لهم ذيول، فكان من اليسير ارتكاب المذابح.

لا يمكن تحقيق السلام في المنطقة إلا بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وقبول الآخر، وعدم مصادرة حقه في الحياة وتقرير المصير، وإلا فستكون الحرب أسلوب حياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4tn2z9pd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"