تململات في الداخل الغربي

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

تتحدث وسائل إعلام غربية وازنة عما تصفه بتزايد الشعور بالإرهاق، جراء الدعم العسكري والمالي الذي تقدّمه الدول الغربية لأوكرانيا في حربها مع روسيا، دون أن يُحدث ذلك انقلاباً في ميزان القوى لصالح كييف كان معوّلاً عليه، وهو شعور تضاعف مع نشوء الوضع المأزوم في الشرق الأوسط بعد عملية السابع من الشهر الجاري في غزة ومحيطها، ومسارعة واشنطن والعواصم الغربية لنجدة إسرائيل، ما أدى، تلقائياً، إلى تضاؤل التضامن الأوروبي مع أوكرانيا؛ لأن الأولويات اختلفت، وفي حال طال أمد الصراع في الشرق الأوسط، فإنه سيؤدي إلى تقييد موارد الدول المصطفة إلى جانب أوكرانيا.

غير أن تململ الغرب من دعم أوكرانيا وتضعضع التماسك الغربي حوله، وتزايد الأصوات المطالبة بقبول السلام سابق لحرب غزة، ومن مظاهره تهديد بولندا بوقف شحن الأسلحة إلى كييف بسبب أزمة واردات الحبوب الأوكرانية ذات الأسعار الرخيصة، كما شهدت سلوفاكيا، التي تعدّ من أكبر الدول المؤيدة لأوكرانيا، فوز روبرت فيكو، السياسي الشعبوي المناهض لتقديم هذه المساعدات، حتى أنه وعد في حملته الانتخابية بأن بلاده لن تزود أوكرانيا «برصاصة واحدة من الذخائر»، داعياً إلى تأسيس علاقات جيدة مع روسيا، ومن جانبها عرقلت المجر إقرار الاتفاق الذي توصّلت إليه القمة الأوروبية بحظر القسم الأكبر من واردات النفط الروسي وفرض عقوبات جديدة على روسيا، حيث واصلت بودابست شراء الغاز الروسي، وبالتزامن يسعى رئيس الوزراء المجري لإحباط خطط تقديم المزيد من المساعدات المالية من قبل الاتحاد الأوروبي إلى أوكرانيا.

الجديد في الأمر آتٍ من ألمانيا؛ حيث انسحبت من حزب اليسار النائبة سارة فاغنكنيخت التي تتبوأ المركز الثالث في تصنيف السياسيين الألمان الأكثر شعبية، وفق استطلاعات للرأي متتالية، وتعمل هي ونواب آخرون انسحبوا معها على تأسيس حزب جديد يتوقع أن يكون له وزن مؤثر في الحياة السياسية الألمانية، وفاغنكنيخت معروفة بانتقادها الشديد لمشاركة ألمانيا في الإمدادات العسكرية لأوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، وبدعوتها إلى «سياسة عقلانية ويخص ذلك بالدرجة الأولى السياسة الاقتصادية، فألمانيا فقيرة بالمواد الخام، لكنها غنية بالصادرات، ومن خلال العقوبات الاقتصادية، عزلنا أنفسنا عن مصادر الطاقة الرخيصة دون وجود بدائل قابلة للتطبيق». وسبق لفاغنكنيخت أن نظّمت مسيرة كبيرة في برلين في 25 فبراير/شباط الماضي ضد تصعيد الصراع في أوكرانيا بسبب إمدادات الأسلحة الغربية.

وحتى في الولايات المتحدة الداعم الكبير لكييف يواجه الرئيس بايدن خلافات مع أعضاء في الحزب الجمهوري، ممن يريدون قطع المساعدات عن أوكرانيا مما أثار أزمة داخل الكونغرس، ألقت بظلالها على المساعدات الأمريكية إلى كييف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4v69trb9

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"