الشارقة: أشرف إبراهيم
يشكل كتاب «رسائل جوهرية» تأليف قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، خلاصة الحكمة، فلا يقرأه أحد إلا وتفتح أمامه خزائن الدهشة، فهو كتاب عميق في طرحه، لا يشبه غيره، يطل على الناس من طوابق العلم وفلسفة الأشياء، فهو وصية مكتوبة بمداد الأمل، ليستظل بها كل إنسان، وهو مسكون بالمحبة، ولأن كلماته تسري في الوجدان سريعاً، فإنه جري مجرى الدم، فهو جامع في إشاراته المعرفية وملهم لمن استظل تحت شجرته الطيبة، فكل كلمة فيه يستقبلها القلب صوتاً وصورة، نظراً لدقة معانية وعذوبة ألفاظه القريبة من النفس، فهو رسائل سلام ورحمة، ومعراج لكل ذي لب لكي يصعد مع الكلمة الصافية الصداحة.
ولأن رسائل الكتاب قيثارات تبهج القلب، فهو يجذب بمعانيه المضيئة في صفحات الحياة كل عقل، لينهل من فكرة مغروسة في أرض طيبة، ملمسها عشب وزرع، وهو بهذه الكيفية ألهم أربع قصص مصورة للأطفال حملت عناوين: «ماذا يحدث من حولي، ألوان الصحراء الزاهية، أمل الكتابة، شمعة شمسة» للكاتبات أميرة علي بوكدرة، نادية النجار، وريمان عبدالله إبراهيم، ونورة الخوري.
- ماذا يحدث من حولي
من نافذة كتاب «رسائل جوهرية» أطلت الكاتبة أميرة علي بوكدرة إلى القارئ من خلال قصة «ماذا يحدث من حولي» التي استلهمتها من رسالة وردت في الكتاب تقول «التوجية، وإثارة الأسئلة، والحوارُ مَعَ الطِّفلِ عِنْدَ مُشاهَدَتِهِ مادَّةٌ فِيلمِيةٌ أَوْ دَرَامِيَّةٌ تَحْمِيهِ مِنَ التَّأثرِ العَفوِيِّ بِمَا يَسْمَعُ، وَبِمَا يُشَاهِدُ، فَنَحْنُ بِهَذَا نُنَمِّي لَدَيْهِ الرُّوحَ النَّقْدِيَّة حَتَّى يَكُونَ هُوَ الرَّقِيبَ عَلَى نَفْسِهِ وَفِكْرِهِ وَثَقَافَتِهِ بِإِدْرَاكَ مُتْسِعٍ لِمَا حَوْلَهُ، فَهُوَ لا يتلقى فَحَسْبُ، بَلْ يَتَلَقَّى، وَيَتَسَاءَلُ». هذه الرسالة المتقدة بالنفائس والحكم حولت أفكارها الكاتبة بوكدرة إلى عدة مشاهد رسخت لمفهوم أن الطفل لا يتلقى فحسب، بل يسأل أيضاً، فالطفلة ريم بطلة القصة تقيم حواراً مع أبيها وأمها حول الحياة ومنغصاتها لكن الأب والأم استطاعا أن يغيرا الكثير من المفاهيم المغلوطة لدى الطفلة ريم التي تخرج بنتائج مذهلة من هذا الحوار البناء.
- ألوان الصحراء الزاهية
في القصة الثانية التي حملت عنوان: «ألوان الصحراء الزاهية» للمؤلفة نادية النجار صور قريبة لما استلهمته من كتاب «رسائل جوهرية» من مقولة وردت في الكتاب وهي«نُرِيدُ لِأَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا أَنْ يَعْرِفُوا أَنَّ الْحِرَفَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ لِلْعَيْشِ أَوْ هِوَايَةٍ لِتَمْضِيَةِ الْوَقْتِ، بَلِ هِيَ الْهُوِيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ الْمُجَسَّدَةُ لِدَوْلَةِ الْإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ، وَتَرِكَةُ الْآبَاءِ وَإِرْثُهُمُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُصَانَ، وَيُحْفَظَ لِلْأَجْيَالِ الْقَادِمَةِ، وَأَنْ يَشْعُرُوا بِالْفَخْرِ بِتَارِيخِهِمْ وَمُنْجَزَاتِهِ؛ لِيُدْرِكُوا أَنَّ الْحَدَاثَةَ لَا تَعْنِي التَّخَلِّيَ عَنِ الْمَاضِي». إذ استطاعت النجار أن تروي في القصة كيف تعلمت علياء حرفة السدو التقليدية من جدتها، بما يرسخ لمفاهيم الهوية الوطنية وعادات وتقاليد الآباء والأجداد في الماضي.
- أمل الكتابة
في القصة الثالثة التي حملت عنوان: «أمل الكتابة» استلهمت المؤلفة ريمان إبراهيم قصتها من مقولة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي «لا تكن من دون هواية أو تهمل هواية أنت تحبّها، فالهواية تهذب النفس كالفن التشكيلي والتمثيل الملتزم بالقضايا والكتابة والعزف...وهي قوة ناعمة تدفعك إلى الارتقاء بذاتك وقضاء وقت فراغك بما ينفعك، ويزيد إحساسك رهافة ورقة». حيث رسخت القصة لأهمية الاهتمام بالموهبة وتنميتها.
- شمعة شمسة
في القصة الرابعة «شمعة شمسة» استضاءت الكاتبة نورة الخوري بمقولة وردت في كتاب «رسائل جوهرية» كُلُّكُمُ الْيَوْمَ تَمْلِكُونَ أَدَوَاتِ التَّعَلُّمِ، وَالْفُرَصُ أَمَامَكُمْ بَاتَتْ مَفْتُوحَةً لِتُغْنُوا تَجَارِبَكُمْ، وَتُطَوِّرُوا مَهَارَاتِكُمْ؛ لِتَكُونُوا أَبْنَاءَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ»
من هنا يكتمل عقد هذه القصص الأربع التي تلمس وجدان الأطفال وتدعوهم إلى التعلم، والارتباط بهويتهم الوطنية، وتنمية مواهبهم، والقدرة على مواجهة الصعوبات والمشكلات، بما يشف عن حكمة وجمال ودهشة مُستوحاة بالكامل من الرسائل القيمة التي اشتمل عليها كتاب «رسائل جوهرية».
