بين وقت وآخر، تحتاج علاقاتنا الاجتماعية للصيانة، لأننا في تعاملاتنا تحدث الخلافات، وتقع التباينات، وتكثر الآراء، وتتنوع وجهات النظر، وهذه جميعها ممارسات قد تسبب احتقاناً، وترسبات داخل النفس، ومآخذ على هذا وذاك، ومن هنا نحتاج لما يشبه الوقفة، أو النظر للموضوع من زاوية مختلفة وبعيدة، عن الحدث نفسه، حتى نستطيع فهم الآخر، وفهم سبب اختلافه، وحماسه الشديد لما يتبناه من آراء، ورفضه لما نقوله وما نراه.
هذا الضيق من الآخر، والضيق مما يحمله من كلمات وآراء، يجب أن نضعها في إطارها الطبيعي، أو في نسقها الاعتيادي، وأن نغذي النفس بحقيقة أننا متباينون، وأنه من الطبيعي الاختلافات، وألا نسمح للمشاعر السلبية بأن تتلبسنا، أو تسيطر على أفكارنا، وبالتالي تقودنا لاعتبار هذه الاختلافات عداء، أو عدم احترام.
لذا عند القول، إننا نحتاج لمراجعة علاقاتنا الاجتماعية، فإن الهدف هو تقويتها وتدعيمها، بالنبل والتفهم والتقبل، نحتاج لعملية تشبه الصيانة، والإصلاح، وصيانة العلاقات، مهارة وفناً وعلماً، تحدث عنها الكثير من علماء النفس والتربية، وحددوا عدة متطلبات منها: «المحافظة على الصلات والعلاقات الاجتماعية، المحافظة على نوع وشكل العلاقة والرابط الاجتماعي، المحافظة على قوة وجودة ومتانة العلاقة، ثم تجديد وتحديث هذا الرابط والصلة والعلاقة». وتم وضع عدة معايير ومتطلبات للمحافظة على صلاتنا بالآخرين، بل وتقويتها وجعلها في مكانة رئيسية، والعنوان الرئيسي لتحقيق هذه الغاية، يتمثل في الايجابية، ولها عدة أنواع، مثل: «إيجابية الأفكار وتتعلق بالتفاؤل، وإيجابية التفكير، وتهتم بالتقبل والتفهم، وايجابية الكلمات، وتعني التشجيع والمديح والإشادة، وإيجابية المواقف، وتتوجه نحو المحافظة على الإيجابية، والتقبل في مختلف المواقف والأحداث والظروف».
أيضا من مهارات المحافظة على صلاتك الاجتماعية، وعلاقاتك المختلفة، وحمايتها من الانهيار، هو أن تكون مستعداً للانفتاح، وببساطة يعني أن تكون متفهماً ومنفتحاً على أفكار الآخرين، وتفهمها تماماً كما تعرف وتفهم أفكارك، لأن فهمك يعني الإلمام، وهو ما يقود نحو الأحكام الموضوعية والسليمة، الانفتاح الفكري والتقبل للآخرين، يؤدي أيضاً إلى جوانب أخرى مثل فهم حجم علاقتك والهدف منها، وما تتطلع لهذه العلاقة مستقبلاً، أما الجانب المهم في تقوية علاقاتك مع الآخرين، فيتمثل في المشاركة بالأنشطة والفعاليات الاجتماعية والاجتماعات والدوريات التي تقام، وتبقى نقطة معرفتك لحجم العلاقة ودورها ومتطلباتها على قدر من الأهمية، وهي جوانب حاسمة جداً، في المحافظة عليها وتقويتها.
