من أهم معوقات العمل والمشاكل التي تنشأ في بيئات الوظيفة والإنتاج، ما يُسمى بالاحتراق الوظيفي، والذي له نتائج سلبية متعددة، سواء في الإنتاجية وتطور الأعمال، أم على مستوى الموظف نفسه، وضع عدد من المختصين والخبراء، تعاريف لهذه الحالة منها: «بأنه حالة من الإرهاق نتيجة للضغوط، والتوتر في بيئة العمل...» وكما هو واضح فإن المهام الوظيفية غير المنتظمة والمتسارعة، والمطالبات المتكررة، والتي تقابلها مساحة زمنية قصيرة للإنجاز، هي واحدة من أسباب هذا الاحتراق، والذي يتمثل في مشاعر من الإرهاق النفسي، والاستنزاف، والملل.
وعندما تتزاحم المهام على الموظف، من دون إنتاجية كاملة، فإن هذه الحالة، تقوده نحو خلل آخر يتعلق، بتداخل المهام العملية، مع الحياة الخاصة أو الشخصية، وهو ما يسبب توتراً وألماً نفسياً، لأن العمل يطارده حتى في وقت راحته. ومن دون شك أن حدوث مثل هذه الحالة، ونموها، فيه دلالة على خلل في الإدارة؛ حيث تفتقر بيئة العمل، للدعم والمبادرات الإيجابية، ولبرامج إسعاد الموظفين، فضلاً عن ضبابية في المهام، والوصف الوظيفي، ونحوهما من متطلبات العمل والإنتاج.
عندما نتحدث عن الاحتراق الوظيفي، ليس لأنه مؤثر في الموظف، وحسب؛ بل لأنه بمنزلة سلسلة طويلة من الأخطاء، التي تحد من الإنتاجية والتطور والنمو؛ لأن المشاكل النفسية، مثل الاكتئاب، والقلق، والإجهاد، والتوتر، ونحوها، تكون متواجدة وملموسة، وقد تتطور لتصبح حالات صحية جسدية، مثل الصداع والأرق، والتعب الجسدي أو ما يُسمى بالخمول وغيرها. وهنا يكون الموظف وصل إلى الصفر في الإنتاجية. ولا ننسى أن هذه الحالة تعني الإحباط وتنامي المخاوف من المستقبل في هذا العمل، ومشاعر تتعلق بالتشاؤم والقلق.
من دون شك أن كل قائد أو مدير، تقع عليه مسؤولية جسيمة، تتعلق بمعالجة مثل هذه الإخفاقات، أو مثل هذا الخلل، عند تواجده لدى أحد موظفيه؛ حيث يجب أن يتخذ إجراءات؛ مثل: المتابعة، ورسم الخطط، ومنح كل موظف مجالات عمل محددة، والتشجيع، والدعم، ومنح المكافآت ونحوها من الحوافز، وعلى الموظف أن يعي الحالة التي يمر بها، وأن يبادر لإدارة وقته، وتنظيم المهام الوظيفية، بما يتناسب مع قدراته، وعدم نقل مهام عمله على حساب حياته الأخرى. أيضاً يجب على قادة الأعمال، والموظفين على حد السواء، النظر إلى بيئة العمل، وما تضمه من زملاء، وتنمية التواصل الإيجابي معهم، ومعالجة أي سلبيات، لتكون بيئة إيجابية نقية داعمة.
