الموضة صناعة مزدهرة

قد يظن البعض أن الموضة عبر التنوع والتحديث الدائمين في اختيار الملابس والأزياء، جاءت فكرتها مع الحضارة الحديثة، أو أنها ممارسة جديدة في تاريخ البشرية، تزامنت مع النهضة والاختراعات. والحقيقة أن الموضة، والتي تتعلق بالملابس من حيث الشكل واللون، أو من ناحية الإكسسوارات والمجوهرات، أو غيرها مما يتم استخدامه ويتطور، ويتم تحديث تصميماتها بشكل مستمر، مثل الأحذية والحقائب، ونحوهما، هي عادة متأصلة في الثقافة البشرية، فصناعة الأزياء قديمة جداً، وتزيين الملابس والزينة، كان أحد أهم الجوانب التي اهتم بها الإنسان منذ فجر التاريخ؛ وهي ممارسة ليست محصورة بالنساء؛ لأن تنويع الملابس الرجالية والتطوير فيها، عُرفا قديماً كما نلاحظ في هذا العصر، ونستطيع القول.. إن الأزياء الرجالية والنسائية كانت مترافقة مع مسيرة التاريخ.
الملابس في العصور القديمة كانت متواضعة ومحدودة، لكنها اعتمدت على القطن أو الكتان أو الصوف، وسنجد في الكتب التاريخية وصفاً للملابس والأزياء في مختلف الحضارات، ومنها الحضارة المصرية القديمة، وفي العصور الوسطى، وفي عصر النهضة، وصولاً إلى العصر الحديث الذي باتت فيه كلمة «موضة»، تعطي دلالة على تصاميم جديدة، ومبتكرات حديثة، وتعني حسب بعض الدارسين في مجالات اللغة العربية وعلومها: «ابتكار نماذج جديدة من اللباس ووسائل الزينة وغيرها». 
وهناك تعريف آخر عن مفهوم الكلمة نفسها، جاء فيه: «نمط يولع به بعض الناس، لفترة زمنية، ثم ينتهي». وهذا التعريف تحديداً يمكننا التوقف عنده قليلاً؛ حيث نرى أن بعض صرخات الموضة فعلاً تصمد لوقت محدود، وتكون محل إشادة وجذب لبعض الناس، لكنها بعد فترة تخفت أو تنتهي؛ لأن هناك تصاميم جديدة احتل المكانة، وأزاحت ما قبلها، وهكذا تستمر عملية التحديث وتصميم نماذج جديدة. 
وتبعاً لمثل هذه الحالة المستمرة من التطوير والتحديث، تقدر المؤسسات المتخصصة، وبيوت الخبرة الاقتصادية، حجم صناعة الأزياء ب«2.25 تريليون دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.9 تريليون دولار بحلول عام 2025». ولا غرابة في مثل هذا النمو والازدهار؛ كونها صناعة تضم عدة مجالات صناعية مهمة؛ مثل: التصميم، والإنتاج، والتسويق، والبيع.
ولا ننسى الابتكار، والإبداع الذي هو جزء رئيسي من نمو وتطور هذه الصناعة. ومن دون شك أن هذه الصناعة واعدة وتنمو، ويبقى نجاح الاستثمار فيها، يرتهن لكل ما هو جديد ومتميز مما تعرضه؛ لأنها سوق تنافسية، وشديدة التطلب.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com