عادي

كيسنجر.. وجه الدبلوماسية الأمريكية المثير للجدل في الحرب الباردة

18:20 مساء
قراءة 3 دقائق
هنري كيسنجر
واشنطن - (أ ف ب)
كان وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، فاعلاً رئيسياً ومثيراً للجدل في الدبلوماسية العالمية، خلال الحرب الباردة، فهو مهندس التقارب مع موسكو وبكين.
وأعلنت مؤسسته في بيان صحفي أنه توفي، الأربعاء، عن عمر ناهز 100 عام «في منزله بولاية كونيتيكت».
وفي مؤشر إلى النفوذ والهالة التي يتمتع بها الرجل الذي أدار السياسة الخارجية الأمريكية في عهدي الرئيسين نيكسون وفورد، كان هذا الرجل القصير القامة ذو الصوت الخشن واللكنة الألمانية القوية، على الرغم من تقدمه في السن، وحتى وقت قريب، يُستشار من قبل الطبقة السياسية بأكملها، ويُستقبل من رؤساء دول، ويلقي محاضرات بالمؤتمرات في جميع أنحاء العالم.
وآخر مثال على ذلك، في تمّوز/يوليو الماضي، حين التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين، والذي وصفه بأنه «دبلوماسي أسطوري». وقد سمح كيسنجر بالتقارب في سبعينات القرن الماضي بين الصين والولايات المتحدة.
ولم يترك أحد تأثيراً كبيراً أو بصمته على السياسة الخارجية الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين مثل هذا المفاوض البارع الذي كان «حساساً بقدر ما كان سلطوياً»، وفقاً لفرانس برس.

صقر وبراغماتي

يعد هنري كيسنجر صاحب نظرية «الواقعية السياسية» الأمريكية و«الصقر» الحقيقي، واحداً من تلك الشخصيات المعقدة التي تجذب الإعجاب أو الكراهية.
كان للنازية تأثير عميق في الشاب اليهودي الألماني هاينز ألفرد كيسنجر، المولود في 27 أيار/مايو 1923 في فورث بمقاطعة بافاريا، فقد اضطر للجوء إلى الولايات المتحدة في السن الخامسة عشرة مع أبيه المعلم وبقية عائلته. وحصل على الجنسية الأمريكية في سن العشرين، وانضم إلى وحدة مكافحة التجسس العسكرية في الجيش الأمريكي الذي سافر معه إلى أوروبا كمترجم باللغة الألمانية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، عاد لاستئناف دراسته، فالتحق بجامعة هارفارد، حيث حصل على شهادة في العلاقات الدولية قبل أن يقوم بالتدريس هناك ويصبح أحد مديري الجامعة العريقة. عندما، بدأ الرئيسان الديمقراطيان جون كينيدي وليندون جونسون في استشارة هذا الأستاذ اللامع والطموح.
لكن الرجل الذي اشتهر بنظارتيه السميكتين فرض نفسه الوجه الرئيسي للدبلوماسية العالمية عندما عينه الجمهوري ريتشادر نيسكون في البيت الأبيض مستشاراً للأمن القومي في عام 1969، ومن ثم وزيراً للخارجية وقد احتفظ بالمنصبين معاً من 1973 إلى 1975. وبقي في وزارة الخارجية في عهد جيرالد فورد حتى عام 1977.
في ذلك الوقت، أطلق نظرية «الواقعية السياسة» الأمريكية، فباشر مرحلة انفراج مع الاتحاد السوفييتي وإذابة الجليد في العلاقات مع الصين في عهد ماو، خلال رحلات سرية لتنظيم زيارة نيكسون التاريخية إلى بكين في عام 1972.
كذلك، قاد في سرية تامة أيضاً وبالتوازي مع قصف الجيش الأمريكي لهانوي، المفاوضات مع لي دوك ثو لإنهاء حرب فيتنام.

جائزة نوبل مثيرة للجدل

حاز في عام 1973 جائزة نوبل للسلام مناصفة مع لي دوك ثو، بعد التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن الفيتنامي رفض الجائزة التي اعتبرت الأكثر إثارة للجدل في تاريخ نوبل.
وعلى العكس من ذلك، «طالب منتقدو كيسنجر لفترة طويلة بمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب»، ونددوا «بالجانب القاتم والأكثر إثارة للجدل والأقل انفتاحاً في سياسته الخارجية، وعلى وجه الخصوص القصف المكثف على كمبوديا، والدور الذي لعبته وكالة الاستخبارات المركزية في أمريكا اللاتينية، وغالباً ما كان ذلك تحت قيادته المباشرة، بدءاً بالانقلاب الذي وقع في تشيلي عام 1973 وأوصل أوغستو بينوشي إلى السلطة بعد وفاة سلفادور أليندي». فعلى مر السنين، كشفت الوثائق الأرشيفية معالم ومدى اتساع «خطة كوندور» للقضاء على معارضي الديكتاتوريات في أمريكا الجنوبية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
رغم هذه الحلقات القاتمة، حافظ مؤلف كتاب «النظام العالمي» عام 2014 على قدرته على التأثير، بحسب فرانس برس.
وفي كانون الثاني/يناير 2023، دعا كيسنجر إلى مواصلة الدعم لأوكرانيا، التي يجب، وفق ما كان يقول، أن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/544cfu3f

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"