الثاني من ديسمبر

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

تحتفل الإمارات اليوم بعيد الاتحاد، وتحت شعار «روح الاتحاد»، وما ذلك بغريب، فهو اليوم الذي أعلن فيه عن تأسيس الدولة الاتحادية، التي ضمّت سبع إمارات بدت يومها متباعدة جغرافياً، رغم التاريخ المشترك الذي يجمع بين أهلها، والذي تمتد جذوره عميقاً في وجدانهم، ففي الثاني من ديسمبر/ كانون الأول عام 1971، وقّعت اتفاقية الوحدة بين حكّام تلك الإمارات، التي أصبحت نسيجاً قوياً، منطلقة في ذلك من إرهاصات للنهضة وطموحات جادة نحو المستقبل، جسدّها خير تجسيد، أفراد النخبة المتعلمة في مختلف إمارات الدولة في الفترة السابقة لقيام الدولة، التي سعت بدأب إلى كسر العزلة الطويلة التي فرضت على المنطقة.
واستطاعت الدولة خلال عقود قليلة في حساب الزمن، أن تحقق من النجاحات والمكتسبات ما احتاجت دول أخرى إلى قرون لتبلغ نظيره، وفي مقدمة ذلك النجاح في بناء الهوية الوطنية الموحدة لشعب الإمارات، وثيقة الارتباط بهويتها العربية الأشمل، وكان يتعيّن توفير شروط ذلك، ومن بينها نشر التعليم على أوسع نطاق، وللجنسين، عبر بناء المدارس في مختلف أرجاء الدولة، ولاحقاً الجامعات، التي فيها تخرجت أجيال من المواطنين المؤهّلين، في مجالات العلم والتكنولوجيا والأدب والثقافة، وتزامن كل ذلك مع نهضة اقتصادية وعمرانية، قوامها بنية تحتية وخدمات اجتماعية متطورة، للمواطنين والمقيمين، في الدولة.
في كل المناسبات الوطنية للإمارات تحضر القامة المهيبة لزعيمها التاريخي المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي يعود إليه، وإلى إخوانه حكام الإمارات، الفضل الأكبر في قيام الدولة، وكان الشيخ زايد خير قائد لما امتلكه من حكمة وبُعد نظر، ورؤية سديدة لمستقبل وطنه الموحّد، منذ لحظة التأسيس حتى وفاته، رحمه الله، تاركاً إرثاً تعتز به الأجيال، ومنه تستمد الإلهام والعزيمة، في مواصلة الإنجازات على طريق التنمية، وفي التعليم والصحة والثقافة والبيئة.
وليست مصادفة أن يقترن احتفال الدولة هذا العام بعيد الاتحاد، مع انطلاق مؤتمر الأطراف العالمي (كوب 28)؛ في دبي الذي يجمع الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن التغيّر المناخي؛ المبرمة في عام 1992 بهدف الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعزيز التكيّف مع آثار تغيّر المناخ، فاستضافة الإمارات لهذا الملتقى العالمي المهم دليل على دورها في تبنّي واحدة من أهم القضايا الكونية في عالم اليوم، حيث تواجه البشرية، وبصورة غير مسبوقة، تحديات كبرى بسبب ما يتعرض له كوكب الأرض من مخاطر التغيّر المناخي، الذي يتسبب بالاحتباس الحراري، وارتفاع درجات الحرارة؛ وزيادة مستويات البحار، والفيضانات، والجفاف، والمجاعة، وحرائق الغابات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4c4ese4b

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"