رسم ثقافي بالكاريكاتور

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل لديك موهبة في رسم الكاريكاتور؟ لا حرج عليك إذا عدمتها، عبّر عن الفكرة بالكلمات، بالكاريكلماتور. هل ترى للثقافة العربية دوراً أو حضوراً، ولو دور متفرّج له رؤية أو موقف أو رأي، غير حضور التمثال وقطعة الديكور في مسرح الأحداث الدائرة؟ من الأفضل عدم الحديث عن الثقافة العربية، فهذه متاهة للسائل والمسؤول، وإعادة الصياغة تقتضي حصر الموضوع في المثقفين العرب. لكن الخوف في الحقيقة ليس على المثقفين، بقدر ما هو على الثقافة العربية، التي يحزّ في النفس أن تظهر كالماء، لا لون، لا رائحة ولا مذاق، وما هي بماء منه كلّ شيء حيّ. شيء مرعب ألاّ تكون ثقافة أمّة غير قادرة على أن تبعث الحياة في كل شرايين أمّتها، بل وفي كل خلاياها، طموحها، إرادتها، وعيها، مناعتها، مناهجها، تنميتها، سيادتها التي لا تتجزأ، كرامتها، عنفوانها، إبائها، هيبتها.

بداية الخطوط العامّة لاسكتش الرسم الكاريكاتوري، هي أن تتخيّل الثقافة العربية على هيئة حسناء، مثلما يتمنى العقل العربي، الذي له سوابق في هذا التصور، من بينها «لغتنا الجميلة»، ومهرجان «كان» وأخواتها، وعرض أزياء «إن» وأخواتها. لكن، والحق لا يقال، تطوّرت الثقافة العربية كثيراً، لم تعد على ما كانت عليه في العصر العبّاسي، أو عصر المماليك أو الأندلس. حقّاً وصدقاً، لديها نظرة لا تقف عند تراثيات الأدب، فهي ولا شك تعشق الوقوف على الأطلال والبكاء من ذكرى أحبّة ومنازل، لكنها تتحلى بنظرات جيوسياسية عالمية للآداب، فهي عليمة بروائع شكسبير، تمرّ عليها كالماسحة الضوئية، لهذا لم تفكّر يوماً في قوله: «أكون أو لا أكون، هذه هي المسألة». لعلها ترى فيها وجوديّة سارتريّة. تستهويها فنون القلم في أمريكا اللاتينية، لهذا هي دائمة التفكير في فرص تجديد «مئة عام من العزلة». طوال أكثر من قرن، لم تحدّد منظومة القيم الحياتيّة التي تجعلها تفرض وجودها الثقافي مثلما فعلت دول الغرب، والصين، اليابان والهند...

جدلية ثقافية صعبة، عندما يغدو عسيراً إدراك ما إذا كانت ثقافة أربعمئة مليون عربي، هي المسؤولة عن انعدام الرؤية، أمّ السؤال يجب أن يوجّه إلى المثقفين العرب؟ ههنا أيضاً، نعود إلى مخمصة أن الثقافة والإعلام العربيين سيواجهان مشكلات جمّة مستقبلاً، جرّاء انهيار السدود في وسائط التواصل. تذكروا هذا الكلام جيّداً.

لزوم ما يلزم: النتيجة الهلاميّة: ضاع دم الثقافة العربية بين متاهات التوجهات العربية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2whzrm3d

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"