تحية لمجد الإمارات

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

حين تكتب عن عيد الاتحاد للإمارات، عليك أن تقف مستعداً، ممتلئاً بالفخر والاعتزاز والعزّة والشموخ، وتؤدي التحية للقيادة والحكومة والشعب، ثم تجلس جلوس جندي وعالم ومهندس ومدرّس وبحّار ومبتكر ومبدع وشاعر وفنان أمام البياض، ومن دون أن تبحث عن فكرتك، ستجد آلاف الأفكار والصور والمشاهد، ومئات البرامج والمبادرات، وعشرات الاستراتيجيات. ستجد إنجازات لا تُحصى ولا تُعد، وخدمات وفق أعلى المعايير، وستجد أمامك بحراً يغنّي للبحارة الرواد والشباب، ويحكي قصة الكفاح والتعب، وستجد أيضاً أمامك صحراء الحكمة والأصالة والشغف والجمال. وفي النهاية ستجد أمامك وطناً مُحصّناً آمناً مستقراً سعيداً، أضحى نموذجاً للوحدة والتنمية والعطاء، لكن هذه النهاية لا تشكل خاتمة القول بل بدايته، لأن الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها.

نحن لا نفسد الاحتفال بعيد الاتحاد للإمارات حين نتحدث عن تحديات النجاح والحفاظ على توهّج المسيرة واستدامة التنمية، لأن معرفة وجود تحديات هو نجاح في حد ذاته، وحرص شديد على الحفاظ على المنجز، ولو كان المنجز مادياً يتعلق بالعمران لهان الأمر، نحن نتحدث عن منجز نوعي ينبع من الإنسان ويعود إليه، إنه منجز المعرفة التي تشكّل وسيلةً وهدفاً في الوقت ذاته، وسيلة تحمل في طياتها العلوم والابتكارات، وهدفاً يحمل صورة المستقبل المنشود، وهو مجتمع المعرفة، أي مجتمع الإنسان المبتكر والمبدع الذي يستفيد من ثمرات الفتوحات العلمية والإنسانية، ويبني عليها ويضيف إليها، وهذا لن يتحقّق إلا بمزيد من تطوير المناهج التعليمية التي تبني أجيالاً من العلماء والمهندسين والمبتكرين والأدباء والفنانين والفلاسفة، عيونها على المستقبل انطلاقاً من الحاضر. ومن يرصد أعداد المتعلمين والمبتكرين والمبدعين اليوم قياساً إلى أعدادهم قبل 52 عاماً، سيكتشف أننا اليوم نشكل مستقبل الذين نحتوا في الصخر منذ 52 عاماً، ونحن نشكل حاضر الأجيال الصاعدة التي ستتمتع بالمستقبل، وبدورها ستكون حاضر الأجيال التي تليها.

وفي الواقع، نحن حظينا بمؤسسين حكماء، شغلهم المستقبل، ونظروا إلى النجوم فوجدوا وطنهم هناك وهم يقفون على كثيب رملي، وشاهدوا بعيون قلوبهم وعقولهم الحدائق والمساحات الخضراء، وهم يجلسون في ساحة بيت قديم في الصحراء. هم الرائي الذي جسّد رؤيته فكانت الإمارات، فتنة للناظرين، وقِبلة الطموحين، وواحة الإنسان، الإنسان الإماراتي الذي يستطيع التعامل اليوم مع ثقافات الأمم ويستوعبها ويتفاعل معها من دون أن ينسى ملامح شخصيته الوطنية، وأهمها ثقافته الأصيلة وتراثه العريق، الشفهي والمكتوب.

في كل عام، يختلف جوهر احتفالنا عن العام الذي سبقه، يختلف إحساسنا الذي أصبح يعي بشكل أعمق معنى الاتحاد، ويختلف وعينا بقيمة المنجز، وبقيمة من أنجز، فنتضرع إلى الله أن يسكنهم جناته، وندعو الله أن يحفظ لنا قيادتنا، ويلهم شعبنا ليحقّق إنجازات أكثر وأجمل وأبقى، ويهديها إلى الأجيال الصاعدة. وهذا الكلام ليس ضرباً من الرومانسية، إنه يشكل تحدياً، ولا بد للتحدي أن يستند إلى الرؤية المتطورة والإحساس النقي، والحلم الصادق، إذ كل حقائق عصرنا بدأت بأحلام ورؤى، لنحلم أكثر وننجز أكثر.

لن أتحدث في السياسة بشكل مباشر، فكل ما ورد في صلب السياسة، وكل ما ننعم به ثمرة جهد السياسة، السياسة بمعنى فن إدارة الشعوب والتعامل معها، وفن المناورة مع الآخر، وبذلك، يمكن القول إن الإمارات ثمرة فنانين مبدعين مبتكرين من الطراز الأول، وبلغة التشكيل، هي اللوحة التي لا يحدّها إطار، لأنها تجاوزت الثابت نحو المتحرك، وما الإنجاز سوى نتيجة حركة دؤوبة لا تهدأ، شأنها شأن توالي الليل والنهار، والإمارات بفضل الرؤية الثاقبة، ليلها نهار، ونهارها نهار. وكل عام وأنتم تنعمون بضوء الاتحاد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8774v8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"