شبه الجزيرة الكورية الملتهب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تعتبر شبه الجزيرة الكورية أحد مواقع الصراع الدولي في جنوب شرق آسيا، وإحدى النقاط الملتهبة التي قد تشعل حرباً عالمية ثالثة، باعتبارها نقطة تقاطع بين الاستراتيجيات الأمريكية والصينية والروسية المتصادمة على اتساع الكرة الأرضية، والتي يبدو أنها خارج أي تفكير بإدخالها في دائرة العمل الدبلوماسي للتخفيف من تداعياتها المحتملة طالما أنها بالنسبة للتفكير الأمريكي «دولة مارقة».

إن حالة العداء بين البلدين قائمة منذ العام 1950، إذ إن الولايات المتحدة تعتبر كوريا الجنوبية «بحكم القانون» الممثل الشرعي الوحيد لكامل كوريا. ورغم ذلك شهدت العلاقات بين البلدين حالة من الانفراج تمثلت بلقاءات بين مسؤولي البلدين على مستوى القمة، كما جرت مباحثات ثنائية بهدف حل الخلافات بشأن البرامج النووية الكورية الشمالية، إلا أن الطابع العام للعلاقات اتسم بالعداء المطلق ما أثّر سلباً في مجمل الأوضاع في شبه الجزيرة، وفي شرق آسيا طوال العقود الماضية.

آخر مظاهر التوتر بين الجانبين، قيام كوريا الشمالية خلال الأسبوع الماضي بإطلاق صاروخ عابر للقارات، حلّق لمدة 73 دقيقة قبل أن يسقط في بحر اليابان، ويمكنه أن يغطي كل الأراضي الأمريكية، وذلك في ثاني عملية إطلاق خلال أقل من 12 ساعة، الأمر الذي اعتبرته الولايات المتحدة «تهديداً لجيرانها، وانتهاكاً لقرارات مجلس الأمن»، فيما قدمت اليابان احتجاجاً شديداً عبر سفارة الصين في طوكيو، وقالت إن عملية إطلاق الصواريخ «تهدد السلم والاستقرار». وقد سارعت الولايات المتحدة إلى دعوة مجلس الأمن للانعقاد، إلا أنه فشل في اتخاذ أي قرار نتيجة للرفض الروسي والصيني.

لم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد نقلت وسائل الإعلام عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قوله «إن بيونغ يانغ لن تتردد في شنّ هجوم نووي إذا استفزها عدو بأسلحة نووية»، فيما اعتبرت شقيقته كيم يو جونغ أن ما تقوم به بلادها هو «ممارسة لحق الدفاع عن النفس»، واتهمت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان بالقيام ب«أفعال غير مسؤولة من خلال جميع أنواع الاستفزازات العسكرية على مدار العام».

وأصدر دبلوماسيون من الدول الثلاث بياناً مشتركاً نددوا فيه بإطلاق الصاروخ، وحثّوا بيونغ يانغ على الدخول في «حوار موضوعي من دون شروط مسبقة»، في وقت أجرت هذه الدول مناورات جوية مشتركة شملت قاذفات قنابل استراتيجية أمريكية بالقرب من شبه الجزيرة الكورية، اعتبرها بعض الخبراء «رسالة ردع لكوريا الشمالية»، وذلك بعد أسبوع من صدور بيان أمريكي - كوري جنوبي مشترك حذرت فيه واشنطن بيونغ يانغ برد «سريع وساحق وحاسم سيؤدي إلى نهاية نظام كيم جونغ أون».

وكانت كوريا الشمالية وفي إطار ما تعتبره «حق الدفاع عن النفس» أطلقت أواخر الشهر الماضي قمراً للتجسس التقط صوراً للبيت الأبيض والبنتاغون وحاملة طائرات أمريكية.

وهكذا، فإن شبه الجزيرة الكورية تبدو مثل قنبلة هائلة جاهزة للانفجار في أي وقت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5azz6x56

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"