عادي

لاجئو كاراباخ يستبعدون السلام مع أذربيجان

22:43 مساء
قراءة 3 دقائق

أرمينيا- أ ف ب

قبل هربه إلى أرمينيا من القوات الأذربيجانية ألقى سورين مارتيروسيان نظرة أخيرة على حديقته في ناغورنو كاراباخ في لحظة بقيت مطبوعة في ذاكرته.

وقال الأرمني البالغ 65 عاماً: «ما زالت صورة حديقتنا الرائعة التي رأيتها مرة أخيرة ماثلة أمام عيني: أشجار الرمّان والكاكي التي كانت تلمع تحت أشعّة الشمس الساطعة».

وتعد عائلة مارتيروسيان المكوّنة من ثمانية أفراد من بين أكثر من 100 ألف أرمني فروا من كاراباخ بعدما استعادت أذربيجان المنطقة المتنازع عليها منذ عقود في هجوم خاطف في أيلول/ سبتمبر ضد القوات الانفصالية الأرمنية. وأثار نزوح كامل سكان الجيب الجبلي الأرمن أزمة لجوء في أرمينيا.

وتقول أريفيك، زوجة ابن سورين: «سمعنا أصوات الرشاشات وقذائف المدفعية تنفجر على مسافة قريبة من منزلنا» في 19 أيلول/ سبتمبر. وأضافت: «اعتقدنا في البداية أن ما حصل كان مجرّد مناوشة أخرى مع الأتراك»، في إشارة إلى الأذربيجانيين الناطقين بالتركية.

وتابعت: «لكن مختار قريتنا سارع مذعوراً إلينا وقال إن علينا جميعاً الفرار، إذ إن الأذربيجانيين باتوا بالفعل على أطراف القرية». وتقيم عائلة مارتيروسيان حالياً في منزل متهالك استأجرته بفضل مساعدات حكومية في قرية نوياكيرت الواقعة على بعد نحو 50 كيلومتراً عن العاصمة الأرمينية يريفان.

«العيش بشكل منفصل»

بعد قتال لم يدم أكثر من يوم واحد، استسلمت القوات الانفصالية الأرمنية التي سيطرت على كاراباخ على مدى ثلاثة عقود ووافقت على الاندماج مع باكو. وحمّل سورين قوات حفظ السلام الروسية التي انتشرت في الإقليم بعدما لعبت موسكو حليفة أرمينيا دور الوسيط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في خريف 2020 من جهة، والحكومة في يريفان من جهة أخرى، المسؤولية عن سقوط الجمهورية الانفصالية في كاراباخ.

وقال: «قاتل جيشنا ببسالة لحماية أرضنا، إلا أن روسيا والحكومة الأرمينية هما اللتان تعرّضتا لهزيمة في كاراباخ».

وفي 26 أيلول/ سبتمبر، وقّع زعيم الانفصاليين الأرمن سامفيل شهرمانيان مرسوماً ينص على أن الجمهورية الانفصالية «ستزول من الوجود» بحلول نهاية العام. لكن في خطوة مفاجئة الأسبوع الماضي، تراجع عن الإعلان خلال تصريحات أدلى بها في يريفان.

وبدا أن بيانه إلغاء للخطوة التاريخية التي قام بها الانفصاليون لحل إدارة المنطقة المتنازع عليها والتي كانت سبباً لحربين بين أرمينيا وأذربيجان في 2020 وفي تسعينات القرن الماضي. إلا أن القرار لن يؤثر على أرض الواقع نظراً لأن كاراباخ باتت تحت سيطرة أذربيجان الكاملة، ويستبعد أن تدعم يريفان استمرار عمل المؤسسات الانفصالية على أراضيها.

لكن قرار شهرمانيان لاقى أصداء في أوساط العديد من لاجئي كاراباخ الذين ما زالوا متشبّثين بحلم قائم منذ عقود بالانفصال عن أذربيجان.

وقالت أريفيك: «يعاني الأطفال بشكل دائم الكوابيس، ويبكون ليلاً، ويسألونني مرة تلو الأخرى عن موعد العودة».

وتابعت: «سنعود بشرط واحد: إذا واصلنا العيش بشكل منفصل عن الأذربيجانيين وعندما يتم ضمان سلامة أطفالنا بنسبة 100 في المئة».

«لا أؤمن بالسلام»

أكدت كل من أرمينيا وأذربيجان بأنهما اقتربتا من التوقيع على اتفاق سلام مبني على اعتراف كل منهما بسلامة أراضي الأخرى. لكن قلة من لاجئي كاراباخ يتشاركون هذا الأمل، إذ ما زالت الكراهية العنصرية المتأصّلة تسمّم العلاقات بين الأرمن والأذربيجانيين بعد عقود من العداوة.

وأفاد اللاجئ بوريس دولوخانيان الذي قُتل نجله في حرب عام 2020 مع أذربيجان: «لا أؤمن بالسلام.. كيف يمكنني العيش جنباً إلى جنب مع الذين قتلوا ابني؟ يتعيّن علينا أن نصبح أقوياء بما يكفي من أجل استعادة أرضنا بالقوة».

أوضح دولوخانيان أن عائلته عاشت حياة مزدهرة في مدينة خانكندي (ستيباناكرت بالأرمنية) حيث كانت تملك عدداً من المنازل والأراضي إضافة إلى مزرعة تضم أنواعاً غريبة من الطيور.

وقال: «تركنا جنّتنا خلفنا»، مضيفاً أن العائلة باتت الآن تستأجر شقّة من ثلاث غرف في يريفان، ولم يعد بإمكانها تحمّل تكاليفها، وتبحث حالياً عن سكن أقل كلفة. وذكرت حفيدته روزانا البالغة 10 سنوات أنها تتمنى في عيد الميلاد معجزة ليكون بإمكانهم العودة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/tnsaxkrh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"