عادي

ذكرى ميلاد أم كلثوم.. 100 عام في صدراة الصفحات الأولى

22:12 مساء
قراءة 4 دقائق

«عاشت أم كلثوم 50 سنة من حياتها في الصفحة الأولى».. عبارة للكاتب المصري الراحل محمود عوض، في إحدى مقالاته عقب وفاة كوكب الشرق في عام 1975، ثم استهل بها أيضاً كتابه «أم كلثوم التي لا يعرفها أحد»، الصادر في إبريل/ نيسان 1987، لكن يبدو أنها عبارة لا تزال صالحة لنستخدمها نحن أيضاً، فقط مع تعديل الرقم ليصبح قرناً من الزمان، أي منذ دخولها المجال الفني في السنوات الأولى من حقبة العشرينات، وحتى اللحظة.

وفي الذكرى 125 لميلاد سيدة الغناء العربي، نجد الزمن قد أضاف أبعاداً جديدة لعلاقة الأجيال المتعاقبة، مصرياً وعربياً، بكوكب الشرق، فأم كلثوم كانت تنطلق بصوتها قوياً وشجياً على خشبة المسرح، ولكن فيما وراء خشبة المسرح كانت هي تلك الفنانة الريفية البسيطة، صاحبة المواقف الكثيرة.

فاطمة بنت الشيخ المؤذن إبراهيم السيد البلتاجي، وتُعرف أيضاً بكنيتها المشهورة أم كلثوم، كما تعرف بألقاب عدة، منها: «ثومة، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل، كوكب الشرق، قيثارة الشرق، فنانة الشعب».

ميلاد كوكب الشرق

ولدت كوكب الشرق في محافظة الدقهلية بالخديوية المصرية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 1898، لأسرة متواضعة في قرية ريفية تسمى طماي الزهايرة، في مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، الخديوية المصرية.

كان والدها الشيخ إبراهيم إماماً ومؤذناً لمسجد في القرية، ووالدتها فاطمة المليجي، ربّة منزل، ورغم الحالة المادية الصعبة إلا أنها تعلمت في كتّاب القرية، بعد إلحاح منها لكي تتعلم مثل أخيها.

وبعد أن توفي الشيخ عبد العزيز معلم كتّاب القرية، اضطرت للانتقال لكتّاب آخر. فكانت تسير كل يوم ثلاث كيلومترات برفقة أخيها، وابن زوج أختها للوصول إلى الكتّاب.

تعلمت تلاوة القرآن من الكتّاب، ومن والدها، وذكرت أنها حفظته عن ظهر قلب.

أول حفل

ذات مرة سمعت أباها يُعلم أخيها خالد القصائد، والتواشيح ليساعده في عمله الإضافي، ومع التكرار حفظت ما سمعته، وبدأت بتقليد والدها، من دون قصد، وهي تلعب مع دميتها، وعندما سمع والدها ما تعلمته انبهر من قوة نبرتها، فطلب منها أن تنضم معه لدروس الغناء مقابل طبق حلوى المهلبّية.

زارت القرى واحدة تلو الأخرى، وشاء القدر أن تترك في كل قرية عدداً من المعجبين بصوتها، وسمعت أم كلثوم، لأول مرة، صوت الشيخ أبو العلا محمد، وهي صغيرة في الفونوغراف، وهزها صوته لدرجة سماع أشعاره مئات المرات، ولم تكن تتصور أن هذا الشخص يعيش في زمانها نفسه، إذ ظنت أنه متوفى.

إلى القاهرة

ومرت السنوات.. كانت أم كلثوم مع والدها في محطة القطار تحديداً، بعد عام 1916، حين سمعت صوتاً يقول: «الشيخ أبو العلا هنا»، لم تصدق نفسها وألحّت عليه أن يأتي لزيارة قريتها، تعرف والدها إلى الشيخين أبو العلا محمد، وزكريا أحمد، اللذين أتيا فعلاً إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان واستقبلت العائلة أبو العلا في منزلها، ثم بدأ الغناء، وغنت معه أم كلثوم، وبعد سماعه لصوتها اقترح على والدها الانتقال بها إلى القاهرة، فردّ والدها مندهشاً، بأنه لا يعرف أحداً في القاهرة، وحاول تغيير موضوع الحديث، لكن بعد الكثير من إلحاح أم كلثوم عليه، وافق.

أم كلثوم وأحمد رامي

في عام 1924م قدم الشيخ أبو العلا أم كلثوم، إلى الشاعر أحمد رامي، في إحدى الحفلات التي أدت أم كلثوم فيها أغنية «الصب تفضحه عيونه»، تأليف أحمد رامي الذي أدرك أنه قد وجد هدفه، فتولى تعليمها أصول اللغة والشعر، وتحسّن مستواها، وأضافت مهارات جديدة إلى مهاراتها الغنائية.

أم كلثوم والقصبجي

في عام 1924 غنت أم كلثوم طقطوقة «قال إيه حلف ما يكلمنيش»، من ألحان محمد القصبجي، وكانت البداية الحقيقية لها عندما سمعها محمد القصبجي الملحّن المجدّد، وقتها، وقام القصبحي بتدريبها بعد ذلك، كما تولى تعليمها المقامات الموسيقية، ولاحقاً العود، وبدأ يلحن لها أغنيات خاصة بها.

وفي 31 مايو/ ايار 1934م بعد افتتاح الإذاعة المصرية كانت أم كلثوم أول من غنّى فيها.

التعاون مع السنباطي

في عام 1935 غنّت أم كلثوم (على بلد المحبوب ودّيني)، من ألحان ملحن شاب هو رياض السنباطي، وقد ظلّ السنباطي يلحن لأم كلثوم ما يقرب من 40 عاماً، ويكاد يكون هو ملحنها الوحيد في فترة الخمسينات.

في عام 1943م أسست أول نقابة للموسيقيين برئاستها وظلت بمنصبها مدة عشر سنوات.

مرض

عام 1954 خفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي تعانيها. ويذكر أن النظارة السوداء التي كانت ترتديها بشكل مستمر كانت بسبب مرض الغدة الدرقية الذي أدى إلى جحوظ عينيها، حيثُ كان هذا سبباً أيضاً لإيقافها لنشاطها التمثيلي الذي اقتصر على 6 أفلام.

التبرّع بأجر الحفلات

تعددت حفلات أم كلثوم من أجل مصر، لتخصص إيرادات حفلاتها في عواصم أوروبا والدول العربية لدعم الجيش، ثم قامت بنفسها بحملة لجمع التبرعات من المشاهير والشخصيات العامة لأجل مصر، فطافت مكاتبهم، ومقراتهم، للحصول على تبرعات من أجل البلاد، حتى وصل بها الأمر إلى إحيائها حفلات للجنود على جبهات القتال‫.‬

وامتدت الأعمال الخيرية لأم كلثوم، فتبرعت ببطانيات وأقمشة، وتقديم كل المساعدات للفقراء من خلال جمع التبرعات من المصريين في الصيف، وصرفها لمستحقيها في الشتاء.

وبسبب أم كلثوم انتشرت فكرة التبرّع بأجر الحفلات للأعمال الخيرية، وحتى الآن يسير بعض الفنانين على نهج كوكب الشرق، إذ يتبرعون بإيرادات بعض حفلاتهم وأعمالهم الفنية للجهود الخيرية.

وفاة

عام 1954 تزوجت أم كلثوم من د. حسن السيد الحفناوي، واستمر الزواج حتى وفاتها بعد معاناة مع المرض في 3 فبراير/ شباط 1975م.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yfbe5sjj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"