عادي

تعرف إلى العالم السري لأوراق النقد

22:43 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج

اخترعت النقود الورقية على أيدي الصينيين، وبعدها بألف عام، كان الأمريكيون أول من استخدمها استخداماً ممنهجاً في العالم الغربي، حتى إنهم مولوا ثورتهم بإصدار كميات هائلة من أوراق الدولار، والحقيقة أنه يصعب تصور الحياة الحديثة من دون نقود، ومع ذلك يخفى عن عامة الجمهور تماماً كيف تصنع هذه الأوراق، ومن يصنعها.

كلاوس بيندا في كتابه «صناع النقود..العالم السري لطباعة أوراق النقد» (ترجمة خالد غريب علي)، يشير إلى أن الشركات الأوروبية تهيمن على سوق طباعة النقد العالمية، بما فيها آلات طباعة خاصة، وأحبار مؤمّنة، إضافة إلى المعدات المؤتمنة التي تستخدم لفحص أوراق النقد فحصاً دقيقاً، أو الفرامات التي تستخدم لإعدام الأوراق النقدية المستعملة.

طباعة أوراق النقد الخاصة ذاتها يسيطر عليها بالكامل عدد قليل من الشركات الأوروبية عالية التقنية، وهذا كله يكاد يكون غير معروف للعامة، وتبرر هذه السرية دوماً باعتبارها من لوازم الأمن المشدد المحيط بمنتج شديد الخصوصية، وإن كانت هذه السرية أيضاً نتاج هيكل السوق– ذلك الهيكل شديد التسييس– التي تعمل فيها البنوك المركزية، ومطابع أوراق النقد، الحكومية والخاصة.

هو وضع لا يختلف عما هو سائد في صناعة السلاح، لكن هذا الهوس بالسرية غير مناسب في مجتمع مفتوح، بما أن طباعة أوراق النقد تنطوي على استخدام مكثف– وتبديد في أغلب الأحيان– لأموال دافعي الضرائب.

*نفوذ عالمي

ينظر الكتاب إلى الدولار الأمريكي الذي يجسد قوة أمريكا الاقتصادية، ونفوذها العالمي، فمطابع مجلس الاحتياطي الفيدرالي اليوم تنتج نحو 9 مليارات ورقة لعملة الدولار سنويا، وتعتبر المطبعتان اللتان يشغلهما سك وطباعة العملة نموذجين للكفاءة، ومع ذلك فإن نجاحهما الذي لا شك فيه، يستند إلى تكنولوجيا طباعة أوروبية تحيط بها تدابير أمنية صارمة، بل إن الدولار سيبدو باهتا من دون أحباره الأوروبية المؤمّنة تأميناً قوياً، لكن في مجال تأمين أوراق النقد والحرب ضد التزييف، تتبع أمريكا سياسة تختلف اختلافاً واضحاً عن النهج الأوروبي.

كانت الكلفة التي تكبدها الدولار في ما يتعلق بتزييف الأوراق النقدية كبيرة، على النحو الذي يدل على ظهور ما يسمى السوبر دولار، وهو ورقة مزيفة فئة 100 دولار ذات جودة عالية، يتعذر معها على غير المختصين تمييزها عن ورقة سليمة، ولم يحل بعد لغز من يصنع هذه الأوراق النقدية الزائفة التي يصعب تمييزها عن الأوراق السليمة، وتلقي الحكومة الأمريكية باللائمة على كوريا الشمالية، وتتهمها بأنها مصدر الورقة السوبر.

لكن هذا الكتاب يكشف لأول مرة، عن أن هذه الأوراق السوبر من الجائز أن تكون قد طبعت في مطبعة شديدة السرية تديرها وكالة الاستخبارات الأمريكية، ولا تبعد كثيراً عن العاصمة واشنطن جهة الشمال، ويسلط الكتاب الضوء على صناعة أوراق النقد وطريقة عملها، وهو بذلك يرفع حجاب السرية المفروض على هذه الصناعة، ونشرت المحاولة السابقة الوحيدة للكشف عن هذه القصة عام 1983 على يد مؤلف أمريكي، لكن ممثلين بارزين من ممثلي هذه الصناعة قاما بشراء كل نسخ الكتاب من المطبعة مباشرة، للحيلولة دون اطّلاع الجمهور عليه، والآن يرفع الستار عن هذه الصناعة التي تكتنفها السرية.

يرى الكتاب أن الثقافة المؤسسية القائمة على السرية المحيطة بصناعة الطباعة المؤمّنة تأميناً قوياً على حجب ممارسات أعمال قلما تكون في المصلحة العامة ومعايير أخلاقية، أحياناً ما تكون مثار جدل، والحقيقة أن الشركات التي تحتكر المستلزمات يمكنها عمليا ابتزاز البنوك المركزية وابتزاز الجمهور من خلالها.

ويروي هذا الكتاب لأول مرة، المسارات المؤلمة من الناحيتين السياسية والتقنية، نحو عملة مشتركة، حيث يصف مدى صعوبة عملية صنع القرار في أوروبا، حتى عندما يتعلق الأمر بمسألة مهم كالعملة الأوروبية المشتركة، لقد أخفق المسعى برمته، لأن الجميع كانوا يريدون تقاسم مزايا عملة مشتركة، لكن من دون التخلي عن امتيازاتهم القومية.

*تأهيل فني

يصف الكتاب لأول مرة، كيف أدت مشاركة عدد أكبر من موردي الورق والمطابع، الحكومية منها والخاصة، إلى رفع كلفة إنتاج أوراق اليورو، وخفض جودتها في الوقت نفسه، إذ لم تكن كل المطابع المشاركة في طبع اليورو مؤهلة فنياً لأداء هذه المهمة، وهذا أهم أسباب الزيادة في أوراق اليورو المزيفة، كما يكشف هذا الكتاب.

* كلاوس بيندر، اقتصادي وصحفي ومؤلف ألماني يتمتع بخبرة طويلة تصل إلى ٣٠عاماً، عمل خلالها مراسلاً لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج»، وهي الصحيفة اليومية الرائدة في ألمانيا، درس بيندر علم الاقتصاد في جامعة «لودفيش ماكسيميليان» في ميونخ، ثم بعد ذلك في جامعة كولونيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/empnv3mc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"