عادي
يسبب 300 ألف وفاة سنوياً

سرطان عنق الرحم.. تهديد صامت للمرأة

00:56 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

تحقيق: راندا جرجس

يشكّل سرطان عنق الرحم، تهديداً صامتاً لصحة المرأة ومصدر قلق عالمياً، كونه يستهدف السيدات من عمر 21- 65 سنة، ويحتل المرتبة الرابعة بين أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء، وأحد أبرز أسباب الوفيات المرتبطة بالأورام الخبيثة بينهن، ويتم تشخيص ما يقارب 600 ألف حالة إصابة بهذا المرض سنوياً في جميع أنحاء العالم، أي بمعدل حالة واحدة كل 45 ثانية، ويعتبر مسؤولاً عن حوالي 300 ألف حالة وفاة كل عام بمعدل وفاة كل دقيقتين، ما يشير إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الصحية الوقائية للحد من انتشاره.

يقول د.كريم المصري، استشاري أمراض الأورام النسائية، إن السبب الرئيسي لإصابة 96٪ من حالات سرطان عنق الرحم هو فيروس الورم الحليمي البشري، الذي ينتشر بشكل كبير عن طريق الاتصال الجسدي القريب، ويواجه غالبية الأشخاص هذه العدوى الفيروسية في مرحلة ما من حياتهم، إلا أن جهاز المناعة عادةً ما يكافحه ويقضي عليه، أما في حالات مقاومة الجسم للفيروس، فتحدث تغييرات حميدة في خلايا عنق الرحم، وربما تتطور لاحقاً لدى عدد قليل من الحالات غير المعالجة لتتحول إلى سرطان عنق الرحم. ويضيف: يمكن مكافحة هذا المرض من خلال الفحص المنتظم باستخدام مسحة عنق الرحم، التي تساهم في اكتشاف التغيرات في خلايا عنق الرحم واحتمال تطورها في المستقبل إلى أورام، بالإضافة إلى أخذ لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري.

د.كريم المصري

ويشير د.المصري، إلى أن أستراليا تسعى لتصبح أول دولة تقضي على سرطان عنق الرحم بين عامي 2028 و2035، وذلك من خلال الجمع بين أنشطة التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري، والفحص، وعلاج الحالات السابقة لهذا السرطان والسرطانات الغازية، وتجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات وسعت مؤخراً نطاق برنامجها الخاص للتطعيم ضد هذا المرض في المدارس، والذي تم إطلاقه في عام 2018 ليكون متاحاً للطلاب الذكور أيضاً.

وتوفر هذه اللقاحات مستوى عالياً من الحماية للنساء من خلال استهداف سلالات فيروس الورم الحليمي البشري الأكثر شيوعاً وخطورة، ما يقلل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة تصل إلى 90٪.

يلفت د.المصري إلى أن العديد من الدراسات أثبتت فعالية لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري، وقدرتها على تقليل حدوث سرطانات عنق الرحم والسرطانات الأخرى إلى حد كبير، ونتيجة لذلك، شهدت البلدان التي نفذت برامج تطعيم واسعة النطاق انخفاضاً كبيراً في معدلات الإصابة بهذا المرض.

ويضيف: يمكن أن يصيب فيروس الورم الحليمي البشري الرجال أيضاً، ونعلم الآن أن ما يقارب 70٪ من سرطانات الرأس والرقبة ناتجة عن الإصابة بهذا المرض، ولذلك تقوم أكثر من 50 دولة حالياً بتطعيم الذكور والإناث معاً، ولمكافحة سرطان عنق الرحم، من الضروري تصحيح أي مفاهيم خاطئة تتعلق بلقاحات فيروس الورم الحليمي البشري، وتعزيز الوعي بأهمية الفحص الروتيني والتدابير الوقائية.

حماية ووقاية

تشير د.مها العزاوي أخصائية أمراض النساء والتوليد، إلى أن سرطان عنق الرحم ينتشر بين السيدات بين عمر 45- 55 عاماً، ولكن تبدأ مرحلة الإصابة الفيروسية المسببة للسرطان بعمر 20-30 سنة، ويزيد خطر حدوث المرض وجود تاريخ عائلي بالمرض، وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، واللواتي حملن وولدن قبل إتمامهن سن 17 عاماً، ومن يعانين عدوى فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة، والمصابات بعدوى الكلاميديا والأمراض المنقولة جنسياً، ومن يستخدمن أقراص موانع الحمل لفترات طويلة، وصاحبات الوزن الزائد والمُدخنات.

د.مها العزاوي

وتضيف: تعاني المصابات بسرطان عنق الرحم بعض المضاعفات الجسدية والنفسية، والتي تتمثل في: النزف الرحمي المستمر، الآلام المزمنة التي لا تستجيب للعلاج بالمسكنات، الفشل الكلوي الناجم عن انسداد الحالبين وتراكم البول داخل الكلى، الناسور الرابط بين المثانة والمهبل، بالإضافة إلى التأثير السلبي للعلاج الجراحي والإشعاعي والكيماوي على الجسم بصورة عامة.

تنوه د.مها العزاوي إلى أن سرطان عنق الرحم يمكن أن ينتشر موضعياً إلى الحالب والمثانة والنهايات العصبية والعظام والعضلات، أو يتوغل عن طريق الدم والجهاز اللمفاوي إلى أجزاء بعيدة من الجسم، وتؤثر في عمل الأجهزة الأخرى مثل: الفشل الكلوي أو تجلط الدم والوذمة اللمفاوية، ولذلك تجب التوعية والالتزام بتطبيق خطوات الحماية من الإصابة بهذا المرض، والتي تتمثل في إجراء فحص مسحة عنق الرحم واختبار فيروس الورم الحليمي المسبب للسرطان كل 3 سنوات على النساء من عمر 21- 65 سنة، الحصول على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري للفتيات بدءاً من عمر 11- 26 سنة، التوقف عن التدخين واتباع نظام غذائي صحي وممارسه الرياضة.

دلالات ومؤشرات

توضح د.شيماء حبيب، أخصائية أمراض النساء والتوليد، أن سرطان عنق الرحم ينشأ في خلايا الجزء السفلي بعنق الرحم المتصل بمنطقة المهبل، وتلعب بعض السلالات المختلفة من فيروس الورم الحليمي البشري والعدوى المنقولة جنسياً كداء السيلان وداء الزهري والإيدز والكلاميديا دوراً رئيسياً في إصابة معظم الحالات، وتزيد نسبة الخطر في حالات ضعف الجهاز المناعي والتدخين.

وتضيف: لا تصاحب الإصابة بسرطان عنق الرحم دلالات أو مؤشرات واضحة في المراحل الباكرة، ولكن مع تقدم الحالة تبدأ علامات المرض في الظهور، على شكل نزف مهبلي بعد العلاقة الزوجية، أو بين الدورات الحيضية أو بعد انقطاع الطمث، والشعور بآلام متكررة في الحوض وأثناء التبول، ووجود إفرازات مهبلية مائية ودموية شديدة وغزيرة ورائحتها كريهة، انتفاخ البطن، التعب العام وفقدان الشهية والوزن بدون مبرر، وآلام خفيفة في الظهر.

وتذكر د.شيماء حبيب أن عدوى فيروس الورم الحليمي تعتبر السبب الأبرز في الإصابة بسرطان عنق الرحم، حيث تهاجم العدوى الأغشية المخاطية والطبقات القاعدية في الجلد، وينجم عنه ظهور دمامل.

وينتقل أثناء العلاقة الزوجية ويضم حوالي 200 نوع معظمها غير ضار، ولكن تتسبب الفئة السادسة عشرة والثامنة عشرة في حوالي 70% من إصابات السرطان بين النساء، ولذلك توصى المؤسسات الطبية العالمية بالالتزام بالإرشادات التوجيهية ونشر برامج التوعية بأهمية الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم، للوقاية من التغيرات محتملة التسرطن من بلوغ الفتاة 21 سنة وحتى 65 سنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5e9re3x8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"