«الروح المتحررة».. دليل مبسط إلى مفاتيح السعادة

الشارقة.. عثمان حسن

في عام 2007، صدر للأمريكي مايكل سنغر كتاب «الروح المتحررة.. رحلة إلى ما وراء الذات» الذي صدرت نسخته العربية عن دار «روايات» في عام 2018، من ترجمة د. هيام عبد الحميد، والكتاب هو عبارة عن رحلة في التأمل الروحي، وكان الأكثر مبيعاً في نيويورك تايمز، وهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات التي تغطي موضوعات حول اليوغا والفلسفة. لفت الكتاب انتباه مقدمة البرامج الحوارية أوبرا وينفري، والتي خصّها سينغر في وقت لاحق بأول مقابلة تلفزيونية له.

في عام 2022، أصدر سنغر طبعة ثانية من الكتاب تحت عنوان «العيش بلا قيود - ما بعد المأزق الإنساني» مواصلاً أطروحته في كتابة المزيد من الأفكار والتأملات من أجل روح متحررة، تتجاوز قيود الذات الإنسانية، ومن أجل استكشاف الصفاء والسلام الداخلي من خلال إجابته عن العديد من الأسئلة التي تعكر روح الإنسان القلقلة والمشحونة باضطرابات العالم المعاصر.

جاء الكتاب في خمسة أجزاء: الجزء الأول بعنوان «إيقاظ الوعي» وتفرع إلى عدة محاور هي: (لصوت داخل رأسك، رفيق غرفتك الداخلي، من أنت؟، النفس الصافية)، الجزء الثاني بعنوان «اختبار الطاقة» وتفرع إلى (الطاقة اللامحدودة، أسرار القلب الروحي، تجاوز الميل إلى الانغلاق) والثالث: «تحرير نفسك» وتفرع إلى: (أطلق سراحك الآن أو اسقط، التخلص من الشوكة الداخلية، اسرق الحرية من أجل روحك، الألم هو ثمن الحرية) والرابع: «الذهاب إلى ما بعد المتناول» واشتمل على الأبواب: (هدم الجدران، بعيدا، أبعد من ذلك بكثير، أطلق سراح الصلابة المزيفة) والخامس: «عش الحياة» وجاء في خمسة محاور: درب السعادة غير المشروطة، الدرب الروحي لعدم المقاومة، التفكر مليّاً في الموت، سر الطريق الوسطى، عين الله المحبة).

إرشادات

يستفيد سنغر في كتابه هذا، من تقاليد التأمل والوعي الذهني، ويوضح كيف يمكن لتطور الوعي أن يمكننا جميعاً من العيش في اللحظة الحالية والتخلي عن الأفكار والذكريات المؤلمة التي تمنعنا من تحقيق السعادة والثقة بالنفس. وهو يبدأ كتابه بإرشادك خلال ذات صلة بالأفكار والهواجس التي تصاحب الإنسان، مما يساعد في اكتشاف مصدر وتقلبات الطاقة الداخلية للإنسان، ثم يتعمق في ما يمكن القيام به لتحرير النفس من الأفكار والعواطف وأنماط الطاقة التي تحدّ من الوعي الذاتي، والكتاب بهذا المعنى يفتح نحو تجربة حياتية طليقة يعيشها الإنسان بعمق وتتخلل كيانه بكل ما يهفو لانطلاقة الروح وتجددها بالطاقة الإيجابية والفاعلة.

اليوغا والتأمل

يهدف سنغر والملقب ب «المعلم الروحي» من خلال هذه العملية التحفيزية، للارتقاء الروحي، وجعل الإنسان قادراً على التحكم بطاقاته الداخلية، والشعور بالسلام والراحة، وكتاب «الروح المتحررة» يجعل هذا الإنسان يعيش تحولات مختلفة تغير علاقته مع عالمه الداخلي والكون من حوله، ومن خلال ذلك يمكن الإنسان أن يضع حداً للأفكار العابثة في استقراره الروحي أو الداخلي، تلك الأفكار التي تعمل على تشتيت الوعي والتشويش على الروية الواضحة للأمور، وذلك من خلال تبسيط تقاليد التأمل وعلم اليوغا، والتركيز، هنا، يتعلم الإنسان كيفية تطوير نوع خاص من الوعي يمكنه من العيش وتمعن اللحظة الراهنة بوعي جديد، وفي هذه اللحظة سوف يتمكن من مغادرة تلك الأفكار المؤذية والذكريات المؤلمة، هذه الأفكار والذكريات التي سوف تبحر بعيداً عن الإنسان.

و«الروح المتحررة» يساعد على اقتلاع جذور التعاسة، ويجعل الإنسان قادراً على تلمس أفكار الحب والموت والإله، والروح والذاكرة والمستقبل، ويساعد في وضع قدم قارئه على درب تحقيق السعادة بوعي واستنارة.

الصوت في الرأستحت عنوان «الصوت داخل رأسك» يكتب سنغر: «في حال أنك لم تلاحظ، ففي رأسك حوار عقلي مستمر لا يتوقف أبداً، هل تساءلت يوماً لِمَ هذا الحوار يجري هناك؟ كيف يقرر ماذا يقول ومتى يقوله؟ كم مما يقوله يكون صحيحاً؟ كم مما يقوله ذا أهمية؟ وإذا كنت الآن بالذات تسمع التالي،«لا أعرف تحديداً ما الذي تتحدث عنه. ليس في رأسي أي صوت» فهذا هو بالضبط الصوت الذي أعنيه، إذا كنت ذكياً فستأخذ وقتك وتتأنى قليلاً، لتخبر هذا الصوت وتتعرّف عليه بشكل أفضل..» ويستمر سنغر في إرشاد قارئه إلى الطريقة التي تجعله قادراً على مجاراة هذا الصوت الذي يستمر بالكلام، ويطرح المزيد من الأسئلة التي تشوش الوعي، انتهاء بإرشاد القارئ إلى أعماق ذاته، وأن يكون واعياً لعملية مراقبة هذا الصوت الذي يتحدث في تدخله، وهنا، سوف يتمكن هذا القارئ (الإنسان) من الوقوف على عتبة الولوج إلى رحلة داخلية رائعة، وهنا، وإذا ما قام الإنسان بمراقبة هذا الصوت بشكل صحيح، فإن الصوت العقلي الذي يشكل حالياً مصدراً للقلق والإلهاء والعصبية بشكل عام، سيتحول هو نفسه إلى أرض الانطلاق، يسميها سنغر إلى يقظة روحية حقيقية.. ويضيف: «اقترب وتعرف على كيفية مراقبة الصوت العقلي في الداخل، لتتعرف على واحد من أكبر أسرار الخلق».

تجارب

ويستمر سنغر، في محاولة طرح تجارب جديدة، تساعد الإنسان على اختبار أنواع جديدة من التفكير، ليشعر بالسلام والرضا الداخلي، من خلال إطلاق سراح أفكاره بعيداً أسئلة الذات المقلقة، للتفكير في رحابة العالم الذي نجهل عنه الكثير، وهنا، سوف يتجاوز الكثير من الأسئلة المحرجة أو «المثبطة» ليتجاوز كل مراتب الخوف والصراع و«الشحن الداخلي» إلى جبهة مفتوحة على وعي خارج الكوابيس والآلام، جبهة أو ضفة أكثر رقة هي ضفة السعادة المتوخاة، والتي سوف تتعزز بوعي وتقنية جديدة تستثمر معنى أن يكون الإنسان سعيداً، ومنطلقاً، للوصول إلى تلك اللحظة المبهجة أو الممتعة التي لا حدود لها.

وصف «الروح المتحررة» بالكتاب الاستثنائي، ذلك لأنه يتناول مفاهيم روحية عميقة من خلال طريقة مبسطة وملهمة، انطلاقاً من مناقشة الوعي وأهميته في حياة الإنسان. ومن خلال طرحه لمفهوم الذات يدعو سنغر إلى ضرورة التخلص من «الأنا» وتلمس «أنا» أخرى، أو بعبارة أصح «روح حقيقية في داخل كل منا» وهو من خلال هذه التجارب مجتمعة، يحفز إلى أهمية التحرر من القيود، كافة القيود المتصلة بالماضي، لنعيش كل لحظة في هذا الحاضر، وألّا نقلق بشأن المستقبل، بحثاً عن السلام الداخلي المنشود، والكتاب يناقش الكثير من المفاهيم المثيرة للاهتمام، التي تأخذ الكثير من وقت الإنسان، على سبيل المثال مفهوم «الحب» وكيفية التعامل معه بطريقة إيجابية وأكثر عمقاً للتواصل الحقيقي بين الأفراد.

اقتباسات

يقول المؤلف في الكتاب عدة عبارات تلهمنا بالأفكار الإيجابية، منها:

* «عندما تمرّ بتجربة سلبية، فلا تنظر إلى الخارج لتجد السبب. انظر إلى داخلك، واكتشف كيف يمكنك التغلب على هذه التجربة بحكمة وسلام».

* «المفتاح للسعادة هو عدم تعلق الروح بأي شيء خارجي، عندما تكون الروح حرة وغير مقيدة، تجد السلام الحقيقي».

* «استسلم للحياة بكل ثقة، وتذكر دائماً أن الحياة تعرف ما تفعله. أنت لست السائق، أنت فقط الراكب».

* «النمو الروحي يحدث عندما تكون مستعداً للنظر في أعمق أفكارك وتحريرها من القيود والتصورات السلبية».

* «الحرية ليست عندما يكون لديك كل شيء، بل عندما لا يرتبط الشيء الذي لديك بهويتك».

* «اعتنق الحاضر وامنحه الفرصة ليكون تجربتك الأكثر إثارةً ومِلئاً بالحب والسلام».

* «لا تحاول تغيير العالم الخارجي، غيّر نظرتك إلى العالم الداخلي، وسيتغير العالم من حولك تلقائياً».