لولا التاريخ لما وُجِد الابتكار!

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

في هذا العصر الذي يتوهج بالتطور التكنولوجي، وتوسع الاتصالات ونموها الكبير، ودخولنا إلى حقبة الذكاء الاصطناعي، يعتقد البعض – القلة – أن العلوم الإنسانية، مثل التاريخ، لم تعد لها جدوى، أو أنها فقدت أهميتها في عصرنا الراهن والمستقبل. والحقيقة أن هذه النظرة قاصرة ومتواضعة جداً، وتوضح عدم فهم بوظيفة العلم والمعارف، في نمو الحضارة البشرية وتطورها.

الحضارة التي تقوم على مكونات كثيرة من العلوم والمبتكرات، وليس على مجال واحد فحسب، فلا توجد حضارة قامت على الطب وحده، أو الفيزياء وحدها، أو الكيمياء، والحال نفسه في مجالات العلوم الأخرى، الحضارة تقوم على جملة من العلوم والمبتكرات والمخترعات، على جملة من المواهب في جميع المجالات العلمية والإنسانية، فالحضارة علوم وإنسانيات، وكل واحد منها له دوره ومكانه المحدد في هذا النمو والنهوض. لذا علوم التاريخ، لها مكانتها ومساحتها وأثرها في مسيرة البشرية نحو التطور والتقدم، وإذا أمعنّا النظر، فإن التاريخ يقوم بدراسة جوانب الحياة البشرية، في عصور وحقب ماضية، وهو يتناولها من جوانب سياسية واقتصادية وثقافية وفنية، ومعرفية، واجتماعية، وغيرها، وهذا يؤدي إلى فهم ما حدث في الماضي من أعمال وتجارب ومخترعات ومبتكرات، ويجعلها بين يدي الدارسين والباحثين، للاستفادة من تلك الخبرات، وتسخير تلك المهارات وتطويرها، وتجنب الأخطاء، والبناء عليها.

أتوقف معكم لمخترعات ملهمة لها أثرها الكبير في حياتنا المعاصرة، مثل اختراع الطائرة، والقطار، والسفينة، والسيارة، وغيرها. توقف عند تاريخ كل مخترع من هذه المخترعات، ستجدها مرت بمراحل كثيرة من التطوير والابتكار، ولولا التوثيق التاريخي، وعلم التاريخ، لما تمكن الإنسان من البناء على ما سبقه، بل سيعود إلى نقطة الصفر، ليكرر نفس الأخطاء، ويقع في نفس الهفوات، وبالتالي لن يحدث تطوير ولا تقدم، وما وُجِد الابتكار.

كل علم له قيمته، وله مكانته، مهما تطورت العلوم والتكنولوجيا، ومهما تطورت شبكة الإنترنت والاتصالات، فإن هناك معارف بشرية، تبقى ماثلة، لها أهميتها وحيويتها، لا يمكن إلغاؤها، أنت على المستوى الشخصي، قد لا تحتاج إليها، أو لا تتقاطع معك، ولا مع اهتماماتك، لكن على مستوى المجتمعات والأمم، الوضع مختلف تماماً. إن فهمنا هذا الجانب، فإننا سنعطي كل ذي حق حقه، ونعطي المكانة للعلم، أيّاً كان نوعه ولونه.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5n92fjx5

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"