سداد مديونية الإبداع

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يدرك الذين تقع عليهم مسؤولية التوعية، أُسَراً ومدارس وإعلاماً، أن أداء حق كل إبداع موروث، إزاء القدامى، إنما هو بناء مستقبل العالم العربي؟ الإبداع المقصود يتجاوز المفهوم السائد عن مكوّنات الثقافة، التي يحصرها الناس عادةً في الفنون السبعة. البعض يُسقط عوالم الإبداع في العلوم والمعارف والبحث العلمي ومجالات التنمية. «كلٌّ يغنّي على ليلاه»، فأهل التسويق التجاري يتحدثون عن الإبداع في التعليب والتغليف، في حين تتصحّر فراديس الإبداع في الفنون والعلوم والمعارف والتنمية وصناعة وسائل الدفاع، وسائر مقوّمات الحضارة.

حتى لا تتشعب شجون الحديث: كيف يكافئ العرب الحضارة الإسلامية على كل ما يفخرون به من أمجاد، لولاها لباتت الأمّة ريشة في مهبّ الأعاصير والتسوناميات السافية، التي لا تبقي باقية، المحتدمة من آلاف الأميال النائية، بألوف اللاّءات النافية الناهية، والأمّة في ذهولها ساهية واهية، بلا وعي ولا عافية، فهل من حمية واقية أو رُقية راقية؟

لا يجوز أن يكون جزاء عطاءات قرون الحضارة الإسلامية وعطاياها، مظاهر التردي التي نراها في أغلبية البلاد العربية. في القضايا المصيرية يجب أن يكون العرب أولى بالاضطلاع بها، بينما نرى الأباعد أصحاب آراء ومواقف فيها. لا أحد يشك في أن طرفة بن العبد البكري مات وقوله فات: «إذا القوم قالوا: من فتىً؟ خلت أنني.. عُنيتُ فلم أكسل ولم أتبلّدِ».

ثمّة سبيل واحد لردّ جمائل القدامى، أن تحدث تنمية شاملة في بلاد العرب، في جميع الميادين. المطلوب ليس عسيراً، كل ما هنالك هو أن تحدث معجزة تزيل النحس القروني، المتمثل في المثل الذي مثّل بجغرافيانا البشرية والاقتصادية: «اتفق العرب على ألاّ يتفقوا». فإذا أشرقت شمس الاتفاق والتوافق والتوفيق، فعندئذ سيشهد العالم هزّة أخرى بعد هزّة صحوة التنين.

ما هذه الغشاوة الغريبة على الأذهان، التي أوهمت العرب أن ميراثهم ينحصر في الشعر والنثر والنحو والبلاغة؟ أين حضور العلماء المبدعين، الذين سنتفكر بعبقرياتهم في ملكوت السماوات والأرض؟ المشارق والمغارب، في عصر الذكاء الاصطناعي، تلهج بالخوارزمي، ومناهج العرب لا تحرّك ساكناً في الرياضيات والفيزياء والأحياء. إلى متى ستظل الاقتصادات العربية ترزح تحت نير البنك الدولي؟ حتّامَ سيبقى سالقو الموسيقى والمسلسلات يضحكون من ذقوننا؟

لزوم ما يلزم: النتيجة العكسية: يقيناً، نحن نفخر بأمجاد الحضارة الإسلامية، لكن، هل يفخر القدامى بالعالم العربي المعاصر؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/45bskwjc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"