تحت مسمى الحرية

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

يتجه الغرب أكثر من أي وقت مضى إلى نشر فكر التحرر من كل القيود والضوابط والمعايير في تربية الأبناء منذ الطفولة المبكرة، وقد تعمدت بعض تلك الدول تعليم الصغار وهم ما زالوا في صفوف الروضة مفاهيم (تحت مسمى الحرية) نرفضها نحن في مجتمعاتنا، وهي قادرة على تشتيت الأطفال وسوقهم نحو اختيارات خاطئة و«شاذة» في الحياة، ما يجعلنا نخشى على صغارنا وشبابنا من كل الرياح غير السوية التي تهب علينا من أي اتجاه، لكن الخوف لا يعني أبداً أن ندفن رؤوسنا في الرمال وكأننا لا نرى ولا نعلم فلا نتكلم؛ بل من الضروري ومهم جداً أن نخلق من تلك التغيرات مناسبة كي نجري حوارات مع الأبناء هدفها التوعية الصحيحة والسليمة.

تلك الرياح ليست الوحيدة التي تهب ونتلقفها؛ بل هناك رياح أخرى تؤثر في فكر الأطفال والشباب، مثل النزعة الشديدة التي بتنا نلاحظها نحو استسهال الطلاق والانفصال عند أدنى خلاف بين الأزواج، لا سيما لدى المتزوجين الجدد والفئات الشابة، ربما بحكم قلة خبرتهم في إدارة الأزمات التي تواجههم وربما لقلة وعيهم بمفهوم الشراكة الحقيقية والتعاون في تحمل المسؤولية بين الطرفين، وربما بسبب عدم وعيهم بضرورة تضييق مساحة الخلافات مهما كانت كبيرة؛ بحيث لا يتم إدخال أي أطراف خارجية خصوصاً الأهل من الجانبين في تلك المشاكل، لأنها ستتضخم وتكبر سريعاً وتصبح العودة خطوات إلى الخلف والتنازل عن الغضب والتفاهم أصعب بكثير.. وقلة الخبرة والوعي بكيفية التصرف ومعالجة المشاكل بين الزوجين يلعب دوراً مهماً فيها غياب التوعية السليمة للشباب في البيوت وفي المدارس، كي يتسلحوا بالصبر والحكمة ويتلقفوا موجات الحياة وتقلباتها بفهم وهدوء، لا بعناد وغضب.

التربية الأخلاقية والتوعية الحياتية والاجتماعية والزوجية باتت مطلباً ملحاً في هذا الزمن الصعب، وكما جاء في تقرير برلماني اعتمدته لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية في المجلس الوطني الاتحادي، أن «تأثر بعض الشباب بتجارب زواج غير ناجحة لأقرانهم، باتت من أهم التحديات التي تواجه إقبال الشباب على الزواج، معتبراً أن تدخلات بعض الأسر في حياة الزوجين تُعد أحد أبرز أسباب الطلاق»، فإن الواقع يؤكد ذلك ويضعنا أمام حتمية وضرورة مناقشة تلك القضايا مع الطلاب في المدارس ومن قبل متخصصين.

التعليم لا ينفصل عن التربية، والتربية لا تعني التأديب والالتزام بالقوانين والقواعد والأخلاق فقط؛ بل تعني التحاور ومناقشة مختلف القضايا الحياتية والحيوية مع الصغار والشباب، كي نحصنهم ونعلمهم كيفية التمييز بين الصحيح والخطأ، خصوصاً أننا نتعامل مع أجيال تتلقف كل المعلومات التي تصلها وتقتحم حياتها عبر الإنترنت، تشاركنا في تربية الأبناء ولم تعد تسمح لنا بتأجيل معلومة أو فكرة إلى سن نراه مناسباً.

«تضمين المناهج التعليمية في المرحلة الثانوية بمواد تثقيفية حول الزواج» هو ضرورة ملحّة، فكلما حصّنا أبناءنا بالمعلومات السليمة كلما ساعدناهم على تخطي العقبات والاستقرار في حياتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/muvkbra3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"