مجزرة الجياع.. فضيحة دولية

01:14 صباحا
قراءة دقيقتين
2

في دقائق معدودات، انقلبت فرحة آلاف الجياع بوصول المساعدات الغذائية إلى شمال قطاع غزة إلى فاجعة بحجم الكون اهتز لها الضمير الإنساني، بعدما أقدم الجيش الإسرائيلي، ببرودة دم مقززة، على إطلاق الرصاص الحي على الآلاف من النساء والأطفال الذين كانوا ينتظرون تسلم أكياس من الطحين، فسقط منهم أكثر من 100 قتيل، ونحو 800 آخرين جرحى، أما الصدمة فقد بانت للعالم أجمع، بعدما ظهرت حقيقة هذه الحرب وأهداف هذا الاحتلال.

منذ سريان نبأ المجزرة، لم يستطع المجتمع الدولي التغاضي عن الجريمة، كانت دولة الإمارات، التي تغيث الفلسطينيين براً وبحراً وجواً لتخفيف وطأة الحرب عن سكان قطاع غزة، في مقدمة الدول التي أدانت المذبحة، وكان موقفها واضحاً في المطالبة بتحقيق مستقل وشفاف وصولاً إلى معاقبة المتسببين، وحذرت من أن استفحال الكارثة الإنسانية قد يؤجج الأوضاع المأزومة أصلاً في المنطقة، وهو ما يجب على كل الأطراف أن تدركه قبل فوات الأوان.

المجزرة مروعة، وقد لا يحيط بها وصف ولا تبررها ذريعة أو عذر، فالضحايا كانوا يمنون أنفسهم بتسلم وجبات غذائية لأطفالهم ونسائهم ومرضاهم، واعتقدوا أن مجرد وصول شاحنات الإغاثة إلى شمال غزة سيمنحهم الحصانة، ويجعل لتلك المساعدات الإنسانية حرمة لا يعرضها لعدوان، ولكن الرصاص الإسرائيلي الغادر، لا يفرق في القتل ويستمر في حرب الإبادة التي بدأها منذ خمسة أشهر ويتوعد باستكمالها. والمخجل أن هذا الجيش، الذي بغى واستكبر، سارع إلى التلفيق، وحاول خائباً التنصل من الجريمة، وكانت فضيحته مدوية، فقد انكشف كل شيء وأصبح واضحاً، بعدما جاهر أحد المتطرفين في تل أبيب، وهو وزير الأمن إيتمار بن غفير بوصف الجنود الذين قتلوا كل أولئك الجياع الأبرياء بأنهم «أبطال»، هكذا بكل صفاقة ودون حياء، ودون أي شعور بأن أولئك الضحايا بشر مثل كل البشر، ولكن المنطق السائد في إسرائيل أوغل في الكراهية والتطرف إلى درجة غير مسبوقة، وبات عبئاً ثقيلاً حتى على الأقربين، فهذا البيت الأبيض، الذي يدافع دوماً عن هذه الحرب، يشعر بالحرج والضيق من التضارب الإسرائيلي وبدأ يضغط للحصول على أجوبة بشأن المجزرة، بينما صدع وزير الدفاع لويد أوستن بالحقيقة المرة، التي طالما تجاهلتها الدوائر الأمريكية في الفترة الماضية، وهي أن إسرائيل قتلت أكثر من 25 ألف امرأة وطفل على مدى 147 يوماً من هذه الحرب الإجرامية.

لو كان في هذا العالم إنسانية حقة وموضع للعدالة لكانت هذه الجريمة بحق الجياع في غزة خاتمة السجل الأسود لهذه الحرب، التي يجري فيها إبادة شعب، بل إبادة الحياة في قطاع غزة. ثم أين مجلس الأمن الدولي، الذي قرر عقد اجتماع طارئ ومغلق، ألم يحن الوقت ليجمع كلمته وموقفه ويفرض إنهاء هذه الفضيحة الدولية بحق الشعب الفلسطيني؟. فبعد كل هذا الدماء والدمار والتصميم الإسرائيلي على القتل، لم يعد هناك من مبرر للصمت أو التجاهل، فقد طفح الكيل، ولم يعد هناك متسع على تحمل هذه المذبحة اليومية لشعب محاصر ومجوّع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yu2pn4sf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"