عادي
عرضان في أيام الشارقة المسرحية

جدلية الحب والحياة في «المشهد صفر» و«زغرودة»

17:53 مساء
قراءة 4 دقائق
مهرجان أيام الشارقة المسرحية/ايام الشارقه المسرحيه/مسرحية زغروده

الشارقة: علاء الدين محمود
ضمن عروض وفعاليات الدورة 33 من مهرجان «أيام الشارقة المسرحية»، احتضن كل من «معهد الشارقة للفنون»، وقصر الثقافة، مساء أمس الأول، عرضين هما: «المشهد صفر»، لفرقة مسرح خورفكان للفنون، تأليف أحمد الماجد وإخراج إلهام محمد، وتجسيد راشد الدلاني، ومحمود القطان، وخديجة بكوش، وسارة السعدي، وعرض «زغرودة»، لفرقة جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح، تأليف علي جمال، وإخراج عبد الرحمن الملا، بمشاركة نخبة من الممثلين.
المسرحية الأولى «المشهد صفر»، وهو عمل ضمن العروض المتنافسة على جوائز المسابقة، ويحاول أن يخرج عن المألوف، ويقدم فكرة ورؤية جمالية جديدة غير مطروقة، وتتحدث قصته عن مجموعة من الممثلين والمسرحيين، يعملون على القيام ببروفة مسرحية، ومن أجل ذلك يسعون للتوجه إلى إحدى المناطق البعيدة، فيذهبون إلى محطة القطار، وكلهم أمل في أن يجتهدوا في التدريب من أجل تقديم عرض سيغير مجرى البشرية ـ كما يحلمون ـ لكن للأسف يفوتهم القطار، فيضطرون للبقاء هناك ويحاولون القيام بالبروفة في ذلك المكان، وتحدث الكثير من التداعيات والحوارات بين المخرج والممثلين لتتكشف الكثير من الأشياء والحقائق.
العرض هو عبارة عن عمل مركب، أي «مسرحية داخل مسرحية»، ويتحدث بصورة أساسية عن المسرح والمسرحيين فيما يتعلق بحياتهم وهمومهم وشواغلهم، وذلك الشغف الكبير لدى الفنانين بالإبداع في مجال «أبو الفنون»، ولئن اعتمد العمل على فكرة «العرض داخل العرض»، فقد كانت القصة نفسها شديدة التركيب والتعقيد، ومحتشدة بالرؤى والأفكار حول الإنسان ومسيرته في الحياة ومصيره، وذلك ما كشفت عنه الحواريات الجميلة والحافلة بالأفكار والإثارة بحيث لم يتسرب الملل إلى الحضور، بل ظل الجمهور متابعاً لتفاصيل اللعبة حتى لحظة الختام.
*حكاية
يتناول العمل قصص أفراد تلك الفرقة وعلاقتهم بالحب والحياة، وتكشف مجرى الأحداث ومنعطفات العرض عن أسرار ومشاعر عشق وخيانة، فقد جمعت بين المخرج وإحدى الممثلات علاقة عاطفية، وهذه الفتاة كانت غير صادقة في حبها للمخرج، بل تريد منه أن يفجر موهبتها ويأخذ بيدها نحو عالم الشهرة والنجومية، وكانت المفاجأة أن الممثلة الأخرى، وهي امرأة متزوجة، تربطها أيضاً علاقة عشق بالمخرج، وكانت الكارثة في أن زوج تلك المرأة هو صديق شخصي للمخرج وتربطه به صلات قوية، فقد كان رفيق دربه منذ مراحل الدراسة، ويبدو المخرج رجلاً معتداً بنفسه بصورة كبيرة، وفي ذات الوقت متعدداً في علاقاته بصورة لا يقيم معها وزناً لأي قيم مثل الصداقة وغيرها.
وتستمر الأحداث، وينشأ صراع كبير بين الممثلتين وتجري الكثير من الحوارات بينهما، يحاول أن يلطفها ممثل رابع، غير أن الصراع يأخذ في كل مرة وضعاً أكثر حدة، حول أحقية كل واحدة منهما في الاستمرار في علاقة الحب مع المخرج، حيث الممثلة المتزوجة كانت تصف زميلتها الأخرى بأنها في الأصل لا تعرف شعور الحب، وقد ارتبطت بالمخرج من أجل المصلحة في أن يصنع منها نجمة كبيرة، بينما كانت الممثلة العزباء ترد عليها بتعييرها بكونها متزوجة وكان من باب أولى أن تحتفظ بمشاعرها لزوجها.
وبينما كانت كل من الممثلتين في جدالهما هذا، رن جرس هاتف المخرج، ليخبره أحدهم أن صديقه «زوج الممثلة» قد توفي، وهو الأمر الذي يحدث انقلاباً كبيراً في سير الأحداث، حيث يتسلل الندم إلى قلب المخرج، وكذلك الأمر مع زوجة الصديق المتوفي.
*مقاربات
الغرام ومشاعر الحب كانت هي الثيمة الأساسية في العرض، وما يلقى العشق من منغصات كثيرة، وذلك ما وضعته مخرجة العمل في اعتبارها، في تصديها لنص أحمد الماجد بعد أن أجرت عليه بعض التعديلات، حيث قدمت العديد من الحلول الإخراجية، وربما كان البطل الأساسي في هذا العمل هو تلك الصورة الأنيقة المبهرة، والديكور الذي تم توظيفه بحيث يعكس حالة رومانسية وشاعرية، مع لمسات حالمة، وبذل الممثلون جهداً كبيراً وواضحاً، ومكنت الإضاءة المتلقين من رؤية وجوه المؤدين وما تحمل من مشاعر وتعبيرات، كما عملت المخرجة على تمرير عوالم العرض عبر توظيف الموسيقى والغناء في بعض الأحيان وبعض الجمل الكوميدية، إضافةً إلى الرقص والحركات الأدائية بصورة جريئة خدمت فكرة العمل.
*نهاية مفتوحة
جاءت نهاية العرض مفتوحة، وقصدت بها المخرجة أن تشرك المتلقي في تصور النهاية عبر عملية التخيل، كما جرى لغط حول عنوان العمل خلال الندوة التطبيقية النقدية التي تلت العرض، وكذلك اختيار المحطة لتشهد أحداث العمل، حيث ذكرت المخرجة إلهام محمد أن حياة الإنسان نفسها عبارة عن محطات، وأن عنوان العمل يعبر عن فكرة «مسرح داخل مسرح»، وأن كل مشاهد المسرحية جاءت محاكاةً طبيعية للواقع.
*عرض صامت
المسرحية الثانية «زغرودة»، وهي خارج المسابقة، عبارة عن عرض صامت، استغنى عن الكلمة المنطوقة، واستعاض عنها بأصوات أشبه بالزغرودة، حيث ينفتح العمل على صوت زغاريد نسائية معلنة عن حدث سعيد وهو حفل زواج، لتتبعه العديد من التفاصيل الفكاهية، إذ إن العمل جاء بطابع كوميدي راق.
ولعل الابتكار في العرض يتمثل في كونه عملاً صامتاً، وهو من الأنواع المسرحية الصعبة التي تعتمد على روح الفكاهة والمفارقات والأداء الجسدي وتعبير الوجوه، وهو الأمر الذي حاول مخرج العرض من التصدي له عبر توظيف مميز لعناصر السينوغرافيا.
العمل يتحدث بصورة أساسية عن مؤسسة الزواج والتقاليد المرتبطة به وتفاصيله الخاصة، وتعرض الزوجين للكثير من الضغوط خاصة من قبل الأهل والأقارب خاصة في ما يتعلق بمسألة الإنجاب، إلى جانب العديد من القضايا الاجتماعية، وعلى الرغم من أن العرض صامت فإنّ معانيه وصلت إلى المتلقي، حيث تفاعل الجمهور مع العمل كثيراً.
العرض وجد كذلك تفاعلاً وإشادة واسعة من قبل المتداخلين في الندوة التطبيقية التي تلته، لكنهم طالبوا المخرج بالعمل على تعميق فكرة المسرحية بصورة أكبر والاستغناء عن بعض المشاهد الزائدة.

مهرجان أيام الشارقة المسرحية/ تصوير محمد الطاهر/
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4p7r3np7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"