منهجيّة الإبداع في التربية

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في أن أضمّ صوتي إلى صوتك، ونطالب أنظمة التعليم العربية بإدراج الابتكار والإبداع في صميم المقرّر في المناهج؟ لا عليك إذا تصوّر التقليديون أن هذا المسلك جنون. أليست الدروب المنطقية الموضوعية العقلانية، السياسية المعتدلة، الدبلوماسية الرصينة، هي التي أوقعتنا في هذه المهاوي التي ليس لها قرار؟

المنطلق هو أن نقيس على ما حدث في تاريخ الشعر العربي. ذلك أقرب إلى أذهاننا من العلوم. ما حدث مأساة من طراز شرّ البليّة، إذا عرضناه على المقاييس الاقتصادية. مثلاً: لديك ثروة ورِثتَها لكنك عملتَ على تحجيمها وتقزيمها، فهل يُعَدّ هذا نبوغاً؟ شعراء الجاهلية وصدر الإسلام أهدوا إليك ستة عشر وزناً شعريّاً، وفي العصر العبّاسي أضافوا إليها أشكال المسمّطات، من مخمّسات ومسدّسات وغيرها، وموشحات ذات تلوينات يصعب حصرها.

لكن الاعتراف بالجميل كان غريباً، فكل ما استطاع فعله معاصرونا في منتصف القرن العشرين هو أن يقصّوا أجنحة الأوزان، أن يردّوها إلى ذوات التفعيلة الواحدة، كالرّمَل والمتقارب والكامل والرجز والهزج والخبب، ثم جاءت الموجة الحداثوية بالقصيدة النثرية، فلم تبق باقية للعمودي ولا لشعر التفعيلة. القضية التربوية تحتاج إلى طرح عقلاني. من الضروري السؤال: عندما يكون لديك رأس مال، تنمّيه أم تبدّده؟ ما رأيك الآن في ستة عشر إيقاعاً شعريّاً، وفوقها بدائع من الموشحات، هل من العقل إتلافها؟ المنطق السليم يقضي بأن يكون عباقرة الشعر العربي في القرون الأخيرة قد طبّقوا منهجاً اقتصاديّاً يُفضي إلى أن تبلغ الأوزان الشعرية اليوم عشرة أضعاف ما كانت عليه في العصر الجاهلي. هل يُعقل أن يكون ذلك الشاعر الذي لم يعرف في حياته وبيئته مناهج في التربية والتعليم، أو معاهد موسيقية، مساوياً لنا على صعيد الإمكانات العلمية والتربوية؟

قضية الابتكار أخذناها من زاوية تراثية تقليدية، لأنه من العسير تناولها من حيث لا سبيل إلى الدليل. من العسير الحديث عن البحث العلمي في مراكزه، وحتى في العلوم الإنسانية. من الضروري البحث عن علّة انعدام البحث العلمي، لانعدام الفلسفة. لا يمكن أن يوجد الابتكار، إذا لم تكن المناهج في التربية والتعليم قائمة أساساً على إثارة الخيال، بإثارة الاستفهامات المعرفية.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الحلّ هو أن يكون الابتكار مادّة في كل مادّة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4w8ssvz9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"