علوم وإيمان في رمضان

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل من أفكار تجديدية، تنير الفضائياتُ بلآلئها ليالي الشهر الفضيل؟ بحر الابتكار زاخر. في هذه الأمسيات النورانية يحلو التحليق في ملكوت السماوات والأرض. اللمسة الرائعة أن نعطي القوس باريها، أي علماء علوم الكون والأرض. لا يغمز القلم من قناة الشاشات، فهي صباح مساء تفسح المجال لعلماء الفيزياء والكيمياء والأحياء، حتى صار الناس يتمنّون أن تتعطف الفضائيات على المطربات والمطربين والممثلات والممثلين بدقائق معدودات، في شهر، في سنة، حتى تهدأ جراح تشوّقهم إلى الظهور على القنوات، فلم تشفق عليهم إلاّ وسائل التواصل بملايين «اللايكات».

ما يجب إدراكه واستدراكه هو أنه منذ بزوغ شمس الرسالة المحمّدية لم يحدث قط، في تاريخ تفسير القرآن الكريم، في شؤون الكون والحياة على كوكبنا، مثل الإضاءات التي أضافها القرن العشرون وأضفاها على الآية الكريمة: «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق» (فصلت 53). من توهّم أن التفاسير غير قابلة للتجديد وتوسيع أبعاد التفكر والتدبّر في المضامين العلميّة، مواكبةً لتطور العلوم، فهو ببساطة ينفي ضرورة وجود عقله، ويشطب تقدّم العلوم وانعكاس الآثار على الإنسان في الزمان والمكان.

التفاسير في حدّ ذاتها متباينة في مشاربها وتخصصاتها. الزمخشري كان الغوّاص في أعماق البحر البلاغي القرآني، ويختلف عنه اختلافاً كبيراً تفسير محيي الدين بن عربي، وهو تفسير صوفي فيضي. ثمّة أكثر من مئة وعشرين تفسيراً، وهي التفاسير المشهورة. لكن المقاصد التي تتطوّر بتقدم العلوم لا يمكن إغفالها. منطقيّاً، لم يكن ممكناً أن يفكر إنسان في فجر الإسلام بتعبير أحمد أمين، في عجائب عصر البيولوجيا والمورّثات والكيمياء الحيوية. أبعد من ذلك الفيزياء الفلكية، الكون اليوم ألفا مليار مجرّة، كل مجرّة قطرها في الأدنى مئة ألف سنة ضوئية. لم يكن لأيّ من القدامى أن يتصوّر أن الضوء في ثانية يصل إلى القمر. ربما كان يتخيل أن القمر فوق السحاب لا أكثر. أمّا أبعاد الفيزياء الفكلية فلا يمكن تخيلها قبل ألف عام، فحتى العقد الثاني من القرن الماضي، كان العلماء يتصورون أن سكة التبّانة هي الكون كله. اليوم، لا يمرّ يوم من دون جديد من الآيات في الآفاق وفي أنفسنا.

لزوم ما يلزم: النتيجة الرمضانية: أخرجوا علماء الكون والأرض من الظل، ليمسوا مصابيح تتزيّن بهم سماء ليالي الشهر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpdmbhvs

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"