إنقاذ السودان من الكارثة

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين
2

مع اقتراب دخول الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع من عامها الثاني، يزداد المشهد قتامةً مع اتساع المعارك وتعاظم المأساة الإنسانية، وانسداد الأفق السياسي للحل، ودخول كل الجهود العربية والدولية في مأزق إصرار الطرفين على الحسم العسكري المستحيل، وتجاهل معاناة الشعب السوداني الذي يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة بعد توقف الأنشطة الإنسانية بسبب انعدام الأمن على نطاق واسع، أصدر مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة الماضي، قراراً يدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان المبارك، بموافقة 14 دولة، والسماح «بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط المواجهة».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وجّه نداءً قبيل الاجتماع إلى المتقاتلين «لإسكات الأسلحة بشكل دائم في جميع أنحاء البلاد، ورسْم طريقٍ ثابتة نحو سلام دائم للشعب السوداني»، محذراً من أزمة إنسانية «ذات أبعاد هائلة» حيث المجاعة تلوح في الأفق.

وقد رحبت دولة الإمارات بقرار الهدنة، وعبّرت عن أملها في أن تُسهم هذه الخطوة في «تمهيد الطريق لإنهاء الأزمة بين الأطراف السودانية، وتجنيب الشعب السوداني الشقيق المزيد من المعاناة»، وأكدت «دعمها لكافة الجهود المؤدية إلى خفض التصعيد وبدء الحوار السياسي الذي يقود إلى استعادة السلم والأمن والأمان، ويحقق تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار والازدهار».

كما دعا الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي كافة الأطراف إلى «الالتزام بقرار مجلس الأمن، بما يحافظ على الأمن والاستقرار وسلامة أرواح السودانيين».

وبينما رحبت قوات الدعم السريع بالقرار، إلا أن وزارة الخارجية السودانية التي رحبت بدورها بالقرار، وضعت عدة شروط، من بينها «خروج قوات الدعم السريع من مساكن المواطنين والمرافق العامة والأعيان المدنية، والانسحاب من ولايتي الجزيرة وسنار وكل المدن الأخرى، وتجميع قواتها في مكان يتفق عليه»، وهذا يعني أن القرار يلاقي آذاناً صماء، وأنه لا حرمة للقتال في شهر رمضان أو غيره من الأشهر، وكأن معاناة السودانيين المستمرة منذ أحد عشر شهراً تتم في بلد آخر؛ إذ بلغ عدد النازحين في السودان وخارجه حوالي 8.1 مليون شخص، وخرجت معظم المستشفيات من الخدمة، واتسعت رقعة الجوع، وتفشي الأمراض، وحاجة أكثر من نصف السكان إلى مساعدات إنسانية، «وأقل قليلاً من 18 مليون شخص على طريق المجاعة» حسب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث.

إن العالم كله، وكل الأشقاء والأصدقاء لن يستطيعوا فعل شيء ما دام من يقبض على السلاح يخوض معركة حياة أو موت للبقاء في السلطة، مصّراً على القتال حتى آخر سوداني، ولا يهمه إن جاع الشعب أو نزح أو اجتاحته الأمراض والأوبئة، أو حلت به كارثة بات يعيشها كل يوم.

.. سوف تتواصل مأساة السودان إلى أن يعود العقل ويقتنع أمراء الحرب بأنه لا خيار أمامهم إلا الحوار في نهاية المطاف، وأن الحرب عبثية أولاً وأخيراً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vmxcbbh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"