التحول الرقمي في قطاع البناء

22:59 مساء
قراءة 3 دقائق

إبراهيم إمام*

يلعب التحول الرقمي دوراً رئيسياً في تعزيز الاستدامة في مجال البناء والتشييد، فمن خلال استخدام التقنيات المتقدمة والأدوات الرقمية، يمكن لشركات البناء تبسيط العمليات وتحسين كفاءة استخدام الموارد - وكل ذلك ضروري للبناء المستدام.

ويُوفر التحول الرقمي في قطاع البناء العديد من الفوائد التي تسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف الاستدامة، حيث يُتيح هذا التحول تصميم وبناء المباني بطرق صديقة للبيئة، ويعزز الكفاءة في العمليات، ويقلل من النفايات، بالإضافة إلى توفير التكاليف.

وإنّ أحد المحركات الرئيسية للتحول الرقمي في البناء هو استخدام برامج إدارة البناء المتخصصة، وتعمل هذه المنصات المتقدمة على تبسيط إدارة المشروعات من خلال دمج جميع مراحل المشروع، بدءاً من التخطيط وحتى التسليم، وتقليل النفايات والحد من العمل غير الضروري وبالتالي تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف وتحقيق فوائد بيئية.

وتعمل برامج إدارة البناء على تحسين إدارة الموارد، ما يقلل من النفايات والانبعاثات الكربونية الناتجة عن الإنتاج والنقل. وبفضل تحسين تنسيق المهام واستخدام الأتمتة والجدولة، تسهم في تقليل استهلاك الطاقة في موقع البناء. كما يعمل التوثيق الرقمي على التخلص من الأعمال الورقية التقليدية والانبعاثات المرتبطة به. وتسهم البيانات المركزية في دعم اتخاذ القرارات السليمة وإدارة المخاطر وزيادة الشفافية وتعزيز ممارسات البناء المستدامة.

ويسهم التحول الرقمي في قطاع البناء في تقليل الفاقد وتعزيز الاستدامة في كل مراحل المشروع. تعمل تقنيات مثل نمذجة معلومات البناء (BIM) على تعزيز التخطيط وكفاءة استخدام المواد، كما تساعد الأدوات الرقمية في تتبع وإدارة الموارد.

ويؤدي استخدام التقنيات الذكية إلى تحسين إدارة الطاقة في مشاريع البناء، من خلال مراقبة وتحسين استهلاك الطاقة، كما تتحكم أجهزة الاستشعار الرقمية وأجهزة إنترنت الأشياء (IoT) في استخدام الآلات كثيفة الاستهلاك للطاقة عند الحاجة فقط. هذا الأسلوب الاستباقي لإدارة الطاقة يمكن أن يقلل بشكل ملموس من الانبعاثات والتكاليف التشغيلية، مساهماً بذلك في تحقيق أهداف الاستدامة في هذه الصناعة.

وتُساعد الرقمنة شركات البناء على الامتثال للوائح البيئية الصارمة من خلال تقديم بيانات شفافة للمراقبة والمتابعة، ومن خلال استخدام المنصات السحابية، يمكن للشركات إدارة مستندات الامتثال بشكل أفضل، وتعزيز المساءلة عن الممارسات المستدامة.

وعلى الرغم من الفوائد المتعددة للتحول الرقمي، فقد تواجه العديد من شركات البناء بعض التحديات في تبني التحول الرقمي بشكل كامل من بينها: مقاومة التغيير في الأساليب التقليدية وارتفاع تكاليف الاستثمار الأولية للتقنيات الحديثة، والافتقار إلى المعرفة الرقمية والمهارات التقنية بين القوى العاملة، والتوافق مع الأنظمة أو البرامج المستخدمة والمخاوف بشأن أمن البيانات والخصوصية.

ولمواجهة هذه التحديات، يجب على شركات البناء تعزيز ثقافة تبني التحول الرقمي عبر مؤسساتها، ولا يقتصر ذلك على تنفيذ الحلول التقنية اللازمة وضمان التكامل السلس مع الأنظمة الحالية فحسب، بل يشمل أيضاً توفير التدريب والمعرفة لتزويد موظفيهم بالمهارات اللازمة.

ومن خلال تمكين الموظفين بالمعرفة والأدوات اللازمة للاستفادة بشكل فعال من التقنيات الرقمية، يُمكن للشركات فتح فرص جديدة للابتكار والكفاءة والتوسع.

وبينما ننظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يؤدي دمج التقنيات الرقمية في صناعة البناء والتشييد إلى تعزيز الاستدامة البيئية بالإضافة إلى تحسين الكفاءة الإنتاجية للمشروع ويُسهم في خفض التكاليف.

وباستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يُمكن التنبؤ بمشاريع البناء وتخطيطها بشكل أكثر دقة، ما يُقلل من التأخير والنفقات غير المتوقعة بالإضافة إلى ذلك، تُقدم الطباعة ثلاثية الأبعاد والبناء المعياري مواد وأساليب جديدة تسهم بشكل ملحوظ في خفض البصمة الكربونية المرتبطة بعمليات البناء التقليدية.

*الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لمجموعة «بلانرادار»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2nxmmkmp

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لمجموعة «بلانرادار»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"