غوته.. عالم النبات وعالم الأرواح

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

«..أيها القرآن الكريم، أيتها الطمأنينة الخالدة..»، بهذه الكلمات يخاطب «غوته» نفسه أو روحه، بل، يخاطب ثقافة أوروبية أو غربية مسيطرة بلغة وخطاب المادّة وذبول الرّوح، غير أن صاحب (فاوست) كان يدلّه قلبه إلى النور المنبعث من عبقرية الدين، وروحانيته، بل، روحانية اللغة.

في «الديوان الشرقي» لغوته يؤكد لنا قبل أن يؤكد لنفسه أن القرآن مرجعية دينية، ولغوية، وروحية، وبلاغية، كما لو أن الرجل اعتنق دين الإسلام.. يقول: «.. عندما كان المسلمون يستشهدون بالقرآن الكريم، كانوا يذكرون السورة والآية، وكان كل مسلم، بما عليه من توقير.. يشعر بالإجلال والطمأنينة في أعماق الضمير..».

«الديوان الشرقي» ليس مجرّد شغف روحي بالقرآن والبلاغة العربية، وثقافة الشعر الماثلة في هذه الثقافة، بل، هي طبيعة هذا الشاعر الفطرية قبل وبعد أي شيء، ثم لا تنس غوته (الآخر) إن جازت العبارة، غوته عالم النبات المسكون بروحانية الأشياء والكائنات قبل صورتها الطبيعية أو التشكيلية إن جازت العبارة.

في «الديوان الشرقي» نضع يدينا بأصابعنا العشرعلى أثر حافظ شيرازي بشاعر أوروبا والعالم، ويأخذنا الإعجاب إلى مداه الأبعد بقدرة صاحب (آلام فيرتر) على لمس الطاقة التشكيلية (الرّوحية) في الخط العربي.

غير أنك إذا أردت أن تعرف الشاعر والعالم والفيلسوف بل والإنسان في كينونة غوته، فاقرأ تلك المقاطع التي دوّنها المغامر وعالم النبات والمستكشف الرحّالة (الكسندر فون هومبولت ١٧٦٩-١٨٥٩) في الكتاب الرائع (اختراع الطبيعة) ل (اندريا وولف) ونقلته إلى العربية عبلة عودة؛ إصدارات كلمة ٢٠١٩.

إن ما نعرفه عن «غوته» هو الشاعر بشكل مركزي، ولقد غطّى (فاوست) عمله الأدبي العالمي على الكثير من شخصيته.. إقرأ ما جاء في (اختراع الطبيعة)؛.. «يعرف العالم اليوم غوته شاعراً وأدبياً، غير أنه كان أيضاً عالماً شغوفاً محباً للبحث في تكوين الأرض وعلم النبات، وقد جمع عيّنات من الصخور وصل عددها إلى ١٨٠٠ عيّنة، وعندما غرقت اوروبا في حروبها، راح يعمل بهدوء في التشريح المقارن والبصريات، وفي السنة التي زاره فيها هومبولت للمرة الأولى أسس حديقة نباتات في جامعة جينا، كما كتب بحثاً بعنوان (تحوّل النبات) ناقش فيه وجود شكل أساسي يحكم عالم النبات تتفرّع منه أنواع النباتات كلّها، وهذا الشكل الأساسي كان هو الورقة بالنسبة ل غوته..».

ترى هل كانت الروح الإعجازية، والجمالية أيضاً الموجودة في النباتات والتراب والماء، وهي العناصر الزراعية التي انشغل بها غوته.. هي بالضبط وراء بحثه عن الروح الإعجازية في القرآن وفي اللغة العربية؟؟.. ربما، بل قراءة الديوان الشرقي على نحو أهدأ.. قد تحذف (ربما).. هذه...

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56w8kh7a

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"