انتصار أممي لسماحة الإسلام

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين
2

يعزز اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بشأن مكافحة كراهية الإسلام، المساعي الحميدة للتصدي لخطابات العنصرية والكراهية، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة وحتى اليوم ضد المسلمين، وأسفرت عن تجاوزات وانتهاكات طالت أفراداً ومؤسسات ورموزاً مقدسة، منها الإحراق المتعمد لنسخ من القرآن الكريم على يد متطرفين في الدانمارك والسويد.

إقرار هذا القرار، الذي صوّتت لصالحه غالبية من 115 دولة ولم تصوّت ضده أي دولة، يأتي بعد سنوات طويلة من الجهود الكبيرة، التي كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في صدارتها، سواء عبر مواقفها ومبادراتها المحلية والدولية، أو من خلال بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة ونشاطها المكثف في هذا المجال. ففي العامين الماضيين، تم طرح هذه القضية على طاولة مجلس الأمن، وفي مناسبات عدة طالبت الإمارات بسرعة التحرك لمحاصرة الفكر المتطرف، وحذرت من التسامح مع نشر كراهية الإسلام بحجة أنها من حرية التعبير، وأكدت أن هذا المنطق المغلوط يمثل تهديداً سيلقي بظلاله على الأمن والاستقرار في العالم. وينطلق الموقف الإماراتي من تجربة ملموسة جعلها مثالاً حياً على احترام التنوع الإنساني، تحت سقف الأخوّة الإنسانية واحترام الديانات والمعتقدات، وتجريم الإساءة إلى الذات الإلهية والأنبياء والرُسل والكتب السماوية المقدسة.

في جلسة الجمعية العامة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «إن المسلمين يمثلون التنوع الرائع للأسرة البشرية»، وهذه كلمة حق لا ريب فيه، وجاءت انتصاراً أممياً لسماحة الإسلام، فالمسلمون ينتمون إلى أمة عمادها التسامح والتعايش والعدالة والرحمة والسلام، وساهمت على مر التاريخ في بناء الحضارة الإنسانية، رغم ما تعرضت له من حيف ومن استهداف مباشر منذ الحروب الصليبية والحملات الاستعمارية إلى اليوم. ورغم تقدم مناحي الحياة وتطورها، إلا أن النظرة السلبية للمسلمين تستوطن لدى فئات من النخب الغربية مازالت تحرض على كراهية الإسلام وتستخف برموزه ومعتقداته، وهو تجاوز خطير قد يستدعي ردود فعل غير محسوبة، تساهم مجتمعة في زعزعة الاستقرار العالمي، وتقود إلى مزيد من الفتن التي لم تورث غير الثارات والأحقاد العابرة للعصور.

محاصرة ما يسمى «الإسلاموفوبيا» ومكافحتها مسؤولية دولية لا يجب لأي جهة أن تتنصل منها أو تتجاهلها، خصوصاً في هذا التوقيت العصيب، الذي يشهد فيه العالم تقلبات خطيرة وتجاوزات مستنكرة بحق الأعراف والقوانين والمواثيق. وما يشهده قطاع غزة الفلسطيني من حرب إبادة إسرائيلية لم يشهدها التاريخ الحديث، هو نتاج لخطابات الكراهية والازدراء والتواطؤ الدولي في هذه المذبحة. ومثلما يتم تدمير غزة دون أي خطوط حمراء، يجري انتهاك المقدسات الإسلامية في القدس، حيث يستبيح المتطرفون اليهود المسجد الأقصى المبارك، ولا يرون غضاضة في قتل النساء والأطفال لأنهم «ليسوا بشراً» في نظر البعض، وربما لم تشهد البشرية تطرفاً وتعصباً بهذه الصفاقة، وهو ما يجب على المجتمع الدولي التنبّه إلى خطورته الحتمية على الأمن والسلم في المنطقة والعالم.

التغاضي عن خطابات الكراهية والممارسات العنصرية، مثلما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والسماح لمن يرتكبونها ويحرضون عليها بالإفلات من المحاسبة والعقاب، سيفاقم مخاطرها ويستقطب لها مزيداً من الأصوات المتطرفة، بما يؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها في كل مكان من هذا العالم المضطرب أصلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7fmnks

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"