رحلة الكتاب في تشكيل الحضارات

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

لعبت الكتب دوراً محورياً في تشكيل الثقافات ونقل المعرفة عبر العصور، ومكنت البشرية من تسجيل الأفكار، والقصص، والاكتشافات، وجعلت من الممكن تبادل هذه المعارف عبر الزمان والمكان. الكتاب، بوصفه وعاءً للمعرفة، شهد تطورات متعددة من حيث الشكل والمحتوى، وكل مرحلة من مراحل تطوره تعكس الثورات الفكرية التي شهدها العالم.

تعود جذور الكتب إلى العصور القديمة، حيث استخدمت الحضارات الأولى الألواح الطينية والبردي لتسجيل القوانين، والطقوس الدينية، والمعاملات التجارية، وكانت هذه الوثائق الأولى تعكس حاجة الإنسان المبكرة لتوثيق المعرفة ونقلها. ومع انتشار استخدام الورق في الصين ثم في العالم الإسلامي وأوروبا، شهد تسجيل المعرفة ونشرها تحولاً كبيراً.

اختراع جوتنبرغ للطباعة بالأحرف المتحركة في القرن الخامس عشر شكّل نقطة تحول رئيسية في تاريخ الكتاب، هذا الابتكار سمح بإنتاج الكتب بكميات كبيرة وبتكلفة منخفضة نسبياً، ما جعل المعرفة أكثر إتاحة للعامة، وساهمت الطباعة في نشر الأفكار الإصلاحية، والعلمية، والأدبية، ولعبت دوراً حاسماً في الثورة العلمية والتنوير.

كانت الكتب أداة رئيسية لتشكيل الثقافات ونقل القيم والتقاليد، من الأساطير القديمة والملاحم الشعرية التي سجلت أعظم القصص البشرية، إلى النصوص الدينية التي شكلت المعتقدات والممارسات الروحية لملايين الأشخاص، وكان للكتب الدور الأكبر في توحيد المجتمعات وتوجيه سلوكياتها وأفكارها.

يجب أن نقف لحظة لنتأمل عظمة هذا الإرث الذي تركته لنا الكتب عبر الزمن، ليست الكتب مجرد أوراق مطبوعة أو رموز رقمية على شاشاتنا، بل هي جسور تربط بين الماضي والحاضر، وتفتح أمامنا أبواب المستقبل، ومن خلال الكتب، نتواصل مع العقول والقلوب التي عاشت قبلنا، ونشارك في حكمة الإنسانية المتراكمة التي تم نقلها من جيل إلى جيل.

الكتب هي شعلة المعرفة التي تضيء العقول وتوقظ الأرواح، وهي القوة التي تحمل في طياتها القدرة على تغيير العالم، ففي كل صفحة نطويها، نجد جزءاً من أنفسنا وجزءاً من العالم الذي نسعى لفهمه وربما تغييره.

فلنحمل هذا الإرث بكل فخر ومسؤولية، متذكرين دائماً أن كل كتاب في يدنا هو بذرة أمل لمستقبل مضيء، ودعوة لنواصل السعي نحو عالم أكثر فهماً وتسامحاً وجمالاً.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"