عادي

«القولون العصبي».. خلل وظيفي في الأمعاء

23:06 مساء
قراءة 5 دقائق
«القولون العصبي».. خلل وظيفي في الأمعاء

تحقيق: راندا جرجس

تصيب متلازمة الأمعاء المتهيجة أو القولون العصبي على الأكثر النساء، وتكون شائعة بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً، وفقاً للمعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى، وتُعرف هذه المشكلة بأنها خلل في الحركة الطبيعية السلسة للأمعاء الغليظة، وتحدث في بعض الحالات على شكل تقلصات متشنجة أو قوية تدفع الطعام بسرعة، وتمنع امتصاص السوائل بشكل جيد عبر الغشاء المخاطي المُبطن للقولون، ما يسبب الألم والإسهال، أو تكون الحركة بطيئة أو ضعيفة في أحيان أخرى، ما يؤدي إلى امتصاص كميه أكبر من السوائل، والإصابة بالإمساك، أو يتسبب في سكون تام يتيح فرصة لتخمر الطعام، وكثرة الغازات والانتفاخ والألم، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا المرض، وكيفية إدارة الأعراض وخيارات العلاج.

يقول د.أحمد عبد الحميد إن القولون العصبي خلل وظيفي بالأمعاء الغليظة، ويُصاحب هذه الحالة مجموعة من الأعراض المزمنة الخاصة بالجهاز الهضمي مثل: آلام البطن، الانتفاخ، الإسهال أو الإمساك، ونزول إفرازات مخاطية مصاحبة للبراز في بعض الحالات، وعلى الرغم من ارتباط أغلب علامات القولون العصبي بالوجبات إلا أن شدة الأعراض ومعدل تكرارها تتفاوت من شخص إلى آخر، وتصل في بعض الأحيان إلى آلام مزمنة.

د.أحمد عبد الحميد

يشير د.عبد الحميد إلى أن الإصابة بالقولون العصبي تستهدف على الأكثر السيدات أكثر من الرجال، وتنتشر في الفئة العمرية تحت 45 سنة، ويعزز وجود التاريخ العائلي أو وجود ضغوط عصبية التعرض للإصابة، ولا يوجد له سبب واضح حتى الآن، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي يرجح العلماء التي تزيد فرص المرض، ومن أبرزها: خلل في التفاعل بين الإشارات العصبية والجهاز الهضمي، تشوه في البكتيريا الطبيعية الموجودة بالأمعاء، العامل الوراثي أو الجيني، وبعض المشاكل والأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب.

يذكر د.عبد الحميد أن تشخيص الإصابة بالقولون العصبي يعتمد في الأساس على مطابقة الأعراض الاكلينيكية لعلامات المرض، وعمل الفحوص اللازمة كاختبار البراز، الأشعة التلفزيونية للبطن، منظار القولون، اختبار تحمل اللاكتوز، وحساسية القمح، وذلك لاستبعاد المشكلات الأخرى المتشابهة، مثل: حساسية الجلوتين، العدوى الطفيلية للجهاز الهضمي، حساسية اللاكتوز، التهاب القولون التقرحى، متلازمة سوء امتصاص الطعام.

يلفت د.عبد الحميد إلى أن علاج القولون العصبي يتم عن طريق العلاج الدوائي لتخفيف الألم، وتشمل: مضادات التقلصات، مضادات الانتفاخ، ويمكن استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب، وبعض أنواع المضادات الحيوية، مع ضرورة الالتزام ببعض النصائح الطبية التي تساهم في الحد من تفاقم الأعراض، مثل: تجنب الاطعمة التي تؤدى إلى تهيج القولون بحسب إرشادات الطبيب المعالج، والإكثار من شرب المياه، وتقليل عدد الوجبات وكمية الطعام، ممارسة الرياضة بشكل منتظم والتخلص من الوزن الزائد، الابتعاد عن مسببات التوتر والقلق، وأخذ قسط كافٍ من النوم المنتظم.

  • خيارات غذائية

تبين اختصاصية التغذية سينثيا بو خليل، أن المرضى الذين يعانون متلازمة القولون العصبي يمكن أن يتعرضوا لمضاعفات في الجهاز الهضمي بعد تناول أطعمة معينة، ولا يوجد لهم نظام غذائي معين أو دواء فعال، وقد تختلف محفزات الأعراض من شخص لآخر، وغالباً ما يجد المرء نفسه غير قادر على الاستمتاع بوجبته بسبب القلق من المشكلات الناجمة عن الخيارات الغذائية، مثل: الانتفاخ أو الغازات أو التشنجات أو الإسهال أو الإمساك.

سينثيا بو خليل

وتضيف: يمكن للعديد من الأشخاص تخفيف العلامات المزعجة عن طريق إجراء تغييرات في النظام الغذائي، وهناك منهجيات عامة يمكن أن تساعد جميع الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي، ويتطلب ذلك اتّباع نهج مخصص من قبل المريض، يتمثل في الإرشادات الآتية:

  • تكون الخضراوات المطبوخة أكثر قابلية للهضم من الخضراوات النيئة، ويُنصح باختيار البروتينات التي يسهل هضمها، مثل البيض والدجاج والديك الرومي والأسماك والتوفو شديد التماس والزبادي اليوناني الخالي من اللاكتوز.
  • يجب أن يقتصر تناول الفاكهة على حصة واحدة لكل وجبة أو وجبة خفيفة، وعلى فترات متباعدة كل 2-3 ساعات.
  • تناول وجبات الطعام على فترات منتظمة، ومضغها جيداً، وتناول الطعام ببطء، وتكون الحصص الأصغر أسهل للهضم وأكثر ملاءمة للبطن من الكميات الأكبر.
  • شرب ما لا يقل عن 8 أكواب ( لترين) من السوائل يومياً، مثل الماء أو شاي الأعشاب أو المرق، للحفاظ على رطوبة الجسم.
  • تضمين الأطعمة الغنية بالألياف مثل بذور الكتان أو الشوفان أو الإنسولين أو سيلليوم في نظامك الغذائي للأشخاص الذين يعانون من الإمساك، مع مراعاة تجنب نخالة القمح والخوخ، لأنها ألياف شديدة التخمير، يمكن أن تسبب الغازات وآلام الجهاز الهضمي.
  • التقليل من تناول الخضراوات والبقوليات المسببة للغازات مثل البروكلي والقرنبيط والملفوف وملفوف بروكسل والحمص والعدس والفاصوليا السوداء.
  • الحد من تناول القهوة والشاي الغني بالكافيين (بنوعيه الأسود والأخضر) بما لا يزيد على 3 أكواب في اليوم.

تؤكد سينثيا بو خليل، أن الانخراط في ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، يمكن أن يساعد في تخفيف الغازات والانتفاخ والتوتر والقلق، والتي تسبب جميعها مشكلات في الجهاز الهضمي، مع ضرورة استشارة الطبيب المُعالج لمعرفة نوع التمارين البدنية المناسبة للحالة، كما يُعد إدارة القلق والتوتر من أفضل الاستراتيجيات التي تعمل على مواجهة الأعراض المتفاقمة في الجهاز الهضمي، وذلك من خلال المشي في الطبيعة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو أخذ قيلولة أو الطهي أو التأمل أو الكتابة أو القراءة أو التدليك أو الاسترخاء.

  • 3 مكونات أساسية للوجبات

على الرغم من عدم وجود طرق علاجية معروفة للتخلص من مرض القولون العصبي نهائياً، إلا أنه توجد بعض التدابير لتخفيف الأعراض، وتشتمل التعديلات الغذائية، وتجنب الأطعمة المهيجة للقولون بوجه عام، وتناول وجبات منتظمة، متوازنة، متعددة وصغيرة، والابتعاد عن الأطعمة التي يشترك معظم المرضى على الأغلب في تجنبها ومنها (البقول وبعض أنواع الخضراوات الطازجة مثل البصل والفاكهة مثل: الجريب فروت والعصائر الطبيعية وبخاصة الموالح مثل الليمون، الأكل المسبك والشاي الثقيل والقهوة، وتجنت أكل الكيك والشوكولاتة والوجبات السريعة إلى ما بعد استقرار الحالة). وينصح الخبراء بأن تحتوي الوجبات على ثلاث مكونات أساسية:-

1- الألياف:

وجدت الدراسات أن تناول الأطعمة التي تحتوي على الألياف مثل الحبوب والبقول والخضراوات والفاكهة في فترات هدوء أعراض متلازمة القون العصبي، يمكن أن تسهم في تقليل عدد فترات نشاط المرض وبخاصة مرضى تقرحات القولون، حيث إن أهم وظائف الألياف تتمثل في: منعها حدوث الإمساك لأنها تمتص السموم الموجودة بالأمعاء وتخرجها مع البراز، كما تهضمها جزئياً البكتريا المفيدة الموجودة بالأمعاء، وينتج عنها مواد تزيد من كفاءة ومقاومة جدار الأمعاء للأمراض.

وهناك بعض الأطعمة الغنية بالألياف وفي الوقت نفسه سهلة الهضم منها القمح والبليلة والمخبوزات الغنية بالردة والموز والفاكهة المطبوخة (الكمبوت) والخضراوات المطبوخة والبطاطس المهروسة (البيوريه) والتفاح المقشور والخبز الأسمر، وتحتاج الألياف إلى ماء لإتمام عملها لذلك ينصح بتناول كميات كبيرة من السوائل معها، مع مراعاة تجنبها عند وجود ضيق بالأمعاء.

2- الأطعمة القابلة للتمدد:

تشتهر بعض الأطعمة بقدرتها على التمدد وزيادة حجمها عند تناولها ثم شرب كمية كبيرة من الماء، مثل مادة البكتين والشعير وبعض الطحالب البحرية، وتستخدم على الأكثر في حالات الإمساك وكسل الأمعاء، حيث يفيد تمددها في عمل حركية بالجهاز الهضمي، وتُعد أهم هذه الأطعمة التفاح والموز والجزر، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأنواع تفيد أيضاً في حالة الإسهال لأنها تقوم بامتصاص الماء وتغليظ قوام البراز.

3- زيت السمك:

تشير الأبحاث العلمية إلى أن تناول كبسولات زيت السمك يقلل من حدوث نوبات نشاط تهيج علامات متلازمة القولون العصبي، ولذلك ينصح الخبراء بتناول الأسماك لسهولة هضمها واحتوائها على نسبة عالية من البروتينات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ytcvkps

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"