إنها أيام الختام، الكل يستعد لإنهاء عام دراسي سواء كان طلاب المدارس أو الجامعات، والكل بدأ يشعر بنسائم العطلة الصيفية تهلّ حاملة معها الكثير من الأحلام، وبمجرد التفكير بوضع خطط للصيف يتسلل إليك الإحساس بالراحة والانتعاش.. حتى لو كانت الظروف تمنعك من السفر ومغادرة مكان إقامتك، لن يتخطاك هذا الإحساس بل سيدفعك للتفكير بمشاريع وفسحات «على قد الحال والإمكانيات».
صحيح أن العطلة الصيفية لم تعد طويلة كما كانت في الماضي، لكنها تبقى فرصة ثمينة لا يفوتها الشباب ولا تتجاهلها العائلات فيخططون لها مسبقاً، وطالما أن السفر أصبح متاحاً للجميع وتحوّل لدى البعض إلى ما يشبه خط السير المعتاد والطائرة بالنسبة له تشبه كل وسائل النقل الأخرى لكثرة تنقلاته وأسفاره خلال العام؛ يضع كثير من الطلاب والشباب في مخططاتهم القيام برحلات وأسفار مع بعضهم بعضاً بعيداً عن عائلاتهم، وفي السفر تجارب مهمة يتعلمون منها الكثير، شرط أن يبقى للأهل دور في التدقيق في تفاصيل الرحلة والاطمئنان للمجموعة المصاحبة لأولادهم، لأن السفر بعيداً عن عيون الآباء يمنح الأبناء إحساساً بالتحرر من القيود، والخوف من سوء فهمهم لمعنى الحرية وسوء استخدامها لاسيما في أجواء منعشة ولذيذة يغلب عليها المرح وبعيداً عن أي التزامات ودراسة.
في السفر تجربة، والتجارب لا تكون دائماً ناجحة، والفشل لا يعني أيضاً أن أسبابه مرتبطة بفشل الشباب أنفسهم، بل هو مرتبط بقلة خبرتهم في الحياة وربما بسوء تقديرهم للمواقف واندفاعهم خلف حماسهم الذي يهيئ لهم أنهم يعلمون ما يفعلون دائماً؛ بعض من الطيش على بعض من العنفوان على بعض من قلة الخبرة على بعض من حب الإنسان بالفطرة للتفرد باتخاذ قراراته واختياراته كنوع من إثبات الذات وإثبات القدرة على تحمل المسؤولية بثقة ووعي، وهذا ما يريد كل شاب إثباته لنفسه أولاً ولأهله ثانياً، لذلك يعتبر فشله نوعاً من الهزيمة فينتفض ليزيد من جرعة التحدي.
الصيف راحة قد لا يتمكن الجميع من الاستفادة منها بالسفر أو بالقيام بمشاريع كبيرة، لذلك تنوب عنها الأنشطة الداخلية، ومن يريد أن يبحث عن الراحة والفرحة يجدهما أو يخلقهما بنفسه، يكسر روتينه بكل ما هو مختلف، وأحياناً تكون المتعة والراحة في الاسترخاء بلا هموم ولا مسؤوليات ولا تشنجات وصراعات.. ربما تكون في جلسة مع كتاب وفنجان قهوة وتأمل الطبيعة والنوم بلا قلق وكوابيس وجرس منبه يوقظ المرء رغماً عنه في الصباح.
[email protected]
