ثرثرة هموم موسيقية

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في التجارب الموسيقية التجديدية في العالم العربي؟ تستطيع القول في غير حرج: إنها محاولات إنقاذية لا عيب فيها سوى أنها هامشية وليست الجهود الشاملة المستحقة المتوقعة من الموسيقيين الجادين، وعدد منهم ذوو مستوى عالمي بلا منازع.

لا شك في أن وضع الموسيقى العربية نَكْبوي مأساوي، وحالة باثولوجية وخيمة، لا تفيد فيها المسكّنات العابرة، كالعرض الموسيقي لعزف منفرد أو جماعي ناجح. لا أحد ينكر جدوى ما يجري في غرفة الإنعاش، «إن عاش»، فذلك إنجاز، «إن جاز». لكن هنا أيضاً في الليلة الموسيقية الظلماء يُفتقد بدر العمل العربي المشترك. الثناء على العقول النيّرة التي أقامت مؤتمر الموسيقى العربية بالقاهرة 1932. قفا نبكِ من ذكرى لقاء مُجلجِلِ. الملتقى الذي لا نقول: إنه لا يمكن أن يتكرر، فهذا يأسٌ ثقافي من الأمّة، ولكن «بلاد العُرْب أوطاني» بلا مركز جاذبية ثقافية، ولكن الداء أبعد من ذلك.

لماذا أبعد من ذلك؟ لأن أوضاع الموسيقى العربية سنة 1932 كانت أقل معضلات وتعقيدات ممّا هي اليوم، في عالم عربي صار أشد تعقيداً بكثير ممّا كان عليه في العقد الثالث الماضي. من أين للعرب أن يجدوا في أوروبا مستشرقين موسيقيين يعرفون موسيقانا وتاريخها مثل هنري جورج فارمر والبارون ديرلانجيه؟ ألا يحتاج المرء إلى كاتم قهقهات لكي يجلس هادئاً في قاعة المؤتمر ينصت باهتمام إلى مداخلات أشقاء فنانين يتحدثون عن المشكلات الموسيقية في السودان، ليبيا، العراق، سوريا..؟

هنا ندرك أننا أمام سلبية موسيقية تُعمّقها سلبيات ثقافية أشد وقعاً، في مقدمتها توهّم الموسيقيين وغيرهم، أن تطوير الفن يمكن تحقيقه من دون بحث علمي وتحقيق ودراسة. أهم من ذلك أن هذا البحث العلمي يهمّ كل الموسيقى العربية من الماء إلى الماء، مثلاً: لماذا تفتقر الموسيقى العربية إلى أشكال وأجناس موسيقية؟ لماذا لا يوجد شكل غير الأغنية في كل العالم العربي؟ لماذا لا توجد موسيقى مستقلة عن الكلمات فيمكن تدريسها للأجيال في المعاهد الموسيقية؟ لماذا لا تستطيع المدارس الموسيقية العربية وضع مناهج أكاديمية للأطفال في سن الخامسة والسادسة؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الاستئنافية: سيرة فُتحت ولا يمكن إغلاقها فوراً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3re92z

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"