مكرمة «الأكاديمية»

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

نعلم جميعنا نشأة المسرح، وتاريخه بدءاً من اليونان، فهو أبو الفنون، وأرقاها، وأقدمها؛ أما في وطننا العربي، فلم يدخل المسرح إلّا مع مطلع القرن التاسع عشر، عبر البعثات التي أوفدها محمد علي من مصر، وقدوم الفرق الفنية الفرنسية والإيطالية، إلى بعض الأقطار العربية، مثل مصر والشام. ثم تطوّر وازدهر على أيدي كتّاب ومبدعين في عدد من الأقطار العربية.

وفي الإمارات، دخل المسرح قبل تشكل الاتحاد، في خمسينات القرن الماضي، وكان للمسرحية التي كتبها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عام 1958، بعنوان «نهاية صهيون» في نادي الشعب، يوم كان طالباً، وقعٌ أثار غضب الحاكم العسكري البريطاني، فأمر بإغلاق المسرح.

علاقة الدكتور سلطان القاسمي، مع المسرح قديمة، وذات شجون، وليس مستغرباً أن تحتضن شارقة الثقافة، مهرجاني «المسرح الخليحي»، و«المسرح الصحراوي»، و«أيام الشارقة المسرحية»، و«المسرح المدرسي».

وتوّج صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الفخري للهيئة العربية للمسرح، أمس، هذا الشغف، بافتتاح مقرّ الهيئة، في منطقة الحيرة بمدينة الشارقة. وحيّا المسرح وأهله، مُعلناً تخصيص وديعة مالية لأعمال الهيئة، لأنّ المسرح كما يراه سموّه، ركن أصيل من أركان الثقافة في تطوير المجتمع وترقيته.

وصُمّم المقر وفقاً لطراز العمارة الإماراتية التقليدية مع توافر الاحتياجات والمرافق الحديثة. وهذا تتويج لافتتاحه «أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية»، لتكون مكاناً للتوجّه العلمي والمعرفي لأهل المسرح.

فالمسرح ليس أداة للترفيه والمتعة البصرية، وحسب، بل هو أحد أسلحة محاربة التطرّف والغلوّ، في كل مكان من وطننا العربي؛ وهذا ما أكّده سموّه في وقت سابق «ما عاناه الوطن العربي من ظهور تيارات فكرية متطرفة، أوجب علينا في الشارقة، ألا يقتصر حراكنا الثقافي محلياً فقط، بل امتد ليشمل أقطار الوطن العربي كافة، وفي مختلف المجالات الثقافية والفكرية والفنية، كالشعر والقصة والرواية والفنون والمسرح وغيرها».

هذا ما يكرمنا به سلطان الثقافة والعلم والعطاء.. في كل المجالات التي تشمل المعرفة، و«جهوده لن تنقطع عن دعم المسرح وأهله في كل البلدان العربية حتى يعود المسرح كما كان في السابق». بحسب تأكيده.

مكارم سلطان متدفقة ولا تنقطع، فلا يكاد يمرّ يوم، إلّا وعطاء جديد، يشمل الناس جميعاً، بما يخدم الإنسانية، ويرتقي بحياة الناس، ويظلّهم بوارف السعادة ودفق الرخاء، وهنا المطلوب من أهل المسرح، بعد هذه المكارم السخية، أن يعتنوا بالقراءة، لأنهم جزء من أهل الثقافة، وأن يواصلوا تعلّمهم دائماً لأن التعلم لا يتوقف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3w55uedp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"