تظاهرة سياسية ضد روسيا

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
2

المؤتمر الدولي الذي تستضيفه سويسرا يومي 15 و16 يونيو/ حزيران الحالي في أحد الفنادق الفخمة على بحيرة أوتسيرن بوسط البلاد للبحث عن «تحقيق سلام شامل وعام ودائم في أوكرانيا»، مثله مثل الذي يبحث عن شيء ضائع في غير المكان الذي فقد فيه. فروسيا المعنية بالدرجة الأولى في الحرب الأوكرانية تم استبعادها منه، ما جعل المؤتمر بلا معنى، ومحكوماً عليه بالفشل المسبق، رغم ما تم الترويج له والحديث عن أهميته، وعدد الدول والمنظمات المشاركة فيه، والتي تزيد على المئة، وفق ما تقول بيرن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صاحب فكرة عقد المؤتمر التي تبنتها سويسرا.

كان التعويل على مشاركة الصين في المؤتمر باعتبارها حليفاً رئيسياً لروسيا، لعل مشاركتها تعطي المؤتمر أهمية أكثر، باعتبار أن أحد أهدافه ممارسة ضغط سياسي دولي على روسيا للقبول بصيغة السلام التي كان طرحها الرئيس الأوكراني، وتتضمن بشكل أساسي انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، ودفع موسكو تعويضات مالية، وإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين الروس.

لكن الصين أعلنت أن حضورها مؤتمراً للسلام بشأن أوكرانيا سيكون «أمراً صعباً»، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ «إن ترتيب هذا الاجتماع لا يزال من دون متطلبات الصين وتطلعات المجتمع الدولي، ما يجعل من الصعب على الصين أن تشارك فيه».

ولأن المؤتمر لا يستوفي شروط المشاركة فيه، ولأن الصين لا تريد الوقوع في فخ الإيقاع بينها وبين روسيا، وإحداث شرخ في علاقاتهما الاستراتيجية، فقد قررت عدم المشاركة، الأمر الذي أثار غضب زيلينسكي الذي اتهم الصين بالعمل على الحيلولة دون مشاركة بعض الدول في قمة السلام، وهو الذي كان يراهن على حضورها كجزء من محاولة محاصرة موسكو سياسياً.

الصين ترى أن مشاركة روسيا في المؤتمر ضرورية كي تكون المشاركة متساوية مع أوكرانيا، وأن تكون المواقف التي تطرح من الجانبين منصفة، وبالتالي فإن المواقف تتحدد على ضوء ما يتم الاتفاق عليه بين جميع الأطراف، باعتبار أن الحرب الأوكرانية باتت تتجاوز روسيا وأوكرانيا، لتشمل معظم الدول الغربية، إضافة إلى تداعيات هذه الحرب على العالم. وبالتالي فإن مناقشة طروحات طرف واحد في هذه الجرب وتجاوز مواقف الأطراف الأخرى لن يقدم حلاً بل يزيد الأمور تعقيداً.

روسيا من جهتها ترى أن عملية التفاوض من دونها «لا معنى لها»، وإن «تجاهل موقف روسيا منفصل عن الواقع ولا فائدة منه»، وتقول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «من المعروف أن صيغة زيلينسكي لا تلحظ تسويات وبدائل، وتتجاهل تماماً مقترحات الصين والبرازيل والدول الإفريقية والعربية». ثم إن روسيا لا تثق بسويسرا في تنظيم المؤتمر ورعايته باعتبارها «تدافع عن مواقف أوكرانيا وتدعم نظام كييف، وتطبق عقوبات على روسيا، وتتبنى استراتيجيات تستبعد روسيا من نظام الأمن الأوروبي». وفي هذه الحال من المستبعد أن تكون سويسرا مضيفاً محايداً أو وسيطاً، وفقاً لروسيا.

إن مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا هو اسم على غير مسمى، ولن يكون أكثر من تظاهرة سياسية ضد روسيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mste2nsf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"