مشاهير ال«سوشيال ميديا» باتوا أكثر عدداً من مشاهير الفن، كيف يولدون نجوماً على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف يصبحون «قدوة» يمشي خلفها جمهور من المتابعين؟ لا نعلم، فمعظم هؤلاء صاروا الوسيلة الأسهل والأسرع التي يبحث عنها التجار للترويج لبضاعتهم، أو محلاتهم، خصوصاً في عالم الموضة (الملابس، والأحذية، والحقائب..)، والمكياج، والأكل؛ وباتوا مصدر ثقة للملايين، ما إن ينشرون مقطع فيديو يروّجون فيه لمكان، أو صنف «رائع ومدهش» كما يقولون، حتى تجد سرباً من الناس يسعون للذهاب إلى هناك، أو لشراء هذا الصنف.
لا بأس أن تصبح هذه مهنة بعض الشباب والشابات، الذين يجيدون استخدام وسائل ولغة هذا العصر، لمخاطبة الناس بشكل مباشر عبر صفحات ال«سوشيال ميديا»، فلنعتبرها وسيلة دعائية حديثة، لكن المشكلة في اختلاط الحابل بالنابل، بحيث يصعب عليك التمييز بين الصادق والكاذب، فيجد كثيرون أنفسهم ضحايا مشاهير التواصل الاجتماعي، يشترون بضاعة مزيفة، وسيئة، أو يتورطون في تناول وجبة طعام، هم وأصدقاؤهم، وربما عائلاتهم، في مطعم يكتشفون على أرض الواقع أنه أقل من عادي، ومذاق الطعام فيه لا يمت بصِلة لكل الكلام والمناظر الشهيّة التي عرضها أحد هؤلاء المؤثرين، «الانفلوانسيرز» كما يسمونهم!.
من هم هؤلاء، وكيف يثق بهم الناس بهذه السرعة؟ عالم ال«سوشيال ميديا» يغري الجميع، وتصوير تلك الفيديوهات القصيرة والسريعة بات مهنة يحترفها البعض، لتفتح شهية كل من يمرّ عبر «الإنستغرام»، و«تيك توك»، وأي منصة تواصل، والعين تغري العقل فيسرع إلى التفاعل والاستجابة؛ ونقول دائماً إنها خسائر مقدور عليها، توجع الجيب قليلاً، لكنها لا تؤذي وتشكّل خطراً على البشر، مثلما يفعل صنف آخر من المؤثرين الذين يغوون البنات والشبان بأشكال عدّة، ومنهم من يتستر خلف رداء العلم، أو الدين، أو التعليم.. ليتسلل إلى المتابعين قبل أن يتحولوا إلى ضحايا جرائم إلكترونية، أو واقعية.
من يضع الشك والريبة أمام عينيه طوال الوقت، أي خلال تصفحه الصفحات والمنصات، ينجو من الأفخاخ الكثيرة التي لم تعد تحصى، أو تُعد، ومن يتفادى الاتصال مع معارف ال«سوشيال ميديا» يأمن شرهم، فكيف له أن يتأكد من هوية هذا المؤثر، أو تلك المؤثرة، ومدى صدقهم في كل ما يقولونه، وينشرونه؟ وكيف له أن يكتشف حقيقة هذا، أو تلك، ويتأكد أن كل ما يصله منهم ليس مجرد تلميع صورة، وتجميل وتزييف معلومات، وإخفاء حقائق مهمة، وربما تكون خطرة؟ خلف الشاشات الصغيرة التي نحملها بين أيدينا عالم واسع مملوء بالمغريات، وبالصور المبهرة، والتي يقف خلفها مجهولون منهم الذئاب، ومنهم النعاج.