الثقافة في نظام عالمي جديد

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل خطر على بالك هذا الموضوع، وهل أبلاه المثقفون بحثاً؟ هو بتعبير الفلاحين: «قطفة أولى»، وبلغة مَعاصر الزيتون: «عصرة بكر». طوال التاريخ الحديث، لم تكن لمثقفينا علاقات تكافؤ مع مثقفي الغرب، الذين كانوا ينظرون إلى غيرهم في إفريقيا وآسيا نظرة دونية: كعبيد أو مستعمَرين. لم يتغيّر المشهد، فالسيد جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، لا يزال يفكّر بعقلية أن أوروبا هي الحديقة، وبقية العالم أدغال. نسي وهو الإسباني، أصل كلمة «الأندلس»، التي تعود إلى قبائل الفندال الوحشية التي غزت أوروبا متحدرةً من الأصقاع الإسكندنافية، طاحنةً القارّة العجوز، ومنقضّةً على الشمال الإفريقي. الحضارة الإسلامية بعبقريّ واحد، «زرياب»، غيّر نمط حياة أوروبا وموسيقى العالم بآلة العود، التي أنجبت الجيتار.

قلت للقلم: ما هذه الثرثرة؟ موضوعنا شيء آخر. في الماضي كان خواجات الثقافة ينظرون إلى المثقفين العرب شزراً: ليس لديكم حريات فكر ورأي وتعبير. من هم فلاسفتكم في العصر الحديث؟ إذا أراد قلم منكم أن يفتح فمه، بحث عن زاوية له في الحي اللاتيني في باريس، وتُهرّب الكتب التي يطبعها في الغرب، إلى العالم العربي، وكأنها ممنوعات. اليوم، على المثقفين العرب أن يستفيقوا، فأمامنا نظام عالمي جديد يولد. قد يكون مجرد حلم، من يدري؟ فقد تتحقّق مقولة أينشتاين: «لا أعلم كيف ستكون الحرب الثالثة، لكن الرابعة ستكون بالعصي».

على مثقفينا أن يفكّروا في الأهمّ: أن يكون اللقاء الفكري الحضاري مع الثقافات الشرقية عضويّاً، فاعلاً إيجابيّاً يقيم منظومة قيم إنسانيّة وازنة في كوكبنا. لا توجد مسافات بيننا وبين الصين والهند وإفريقيا. مثقفونا يعلمون أن جذور التصوف الإسلامي ضاربة في أعماق الشرق، في الهند وفي التاوية. كلمة «تاو» الصينية تعني الطريق، ومنها الطرق الصوفية. ثمّة وشائج وثيقة بين التصوف الإسلامي والتاوية. أواصر تُبنى عليها علاقات لا حدود لها في السياسة والاقتصاد والتنمية والثقافة. التعاون العربي الصيني الذي شهدته بكين مؤخراً، وحضره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعزيز لذلك المسار.

على المثقفين العرب أن يغوصوا في بحار الثقافات الشرقية، ففي أحشائها كنوز من الدرّ كامنة في أصدافها، فعليهم مدّ جسور حضارية بين ثقافات ظلمتها قوىً منكرة للجميل. وإلا فإن الإبداع لم يكن قطّ مقصوراً على أحد.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: عند سبر أعماق الثقافات الشرقيّة، يشعر المثقف العربي أنه يكتشف ذاته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/32k5uu67

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"