الجانب المظلم لعمالة الأطفال

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

يحيى زكي

يشارك طفل من كل عشرة أطفال في العالم تبلغ أعمارهم بين 5 و 17 سنة، في ما يعرف باسم عمالة الأطفال، ينتمي معظم هؤلاء إلى القارة الإفريقية والبلدان النامية.

ووفق تقرير نشر مؤخراً على موقع «بي.بي. سي»، بمناسبة اليوم الدولي لعمالة الأطفال الذي يصادف 12 يونيو/حزيران من كل عام، فإن بعض البلدان العربية تعد في مقدمة البلدان التي تنتشر فيها هذه الظاهرة، لكن الأكثر إثارة للأسى الأطفال الذين يعملون في مجالات خصصت في ظاهرها لرفاهية الأطفال، مثل قطاع الشوكولاتة، فهناك ما يقرب من مليون ونصف مليون طفل يعملون في مزارع الكاكاو في منطقة غرب إفريقيا وحدها.

تتميز الشوكولاتة بسحر خاص، بالنسبة للأطفال، وارتبطت بالفرح عندما يهديهم أحدهم قطعة منها، وترمز أيضاً إلى الحب. ربما يعود ذلك إلى حبة الكاكاو، وهي على شكل قلب. والشوكولاتة تمنح الأطفال قبساً من طمأنينة الأبوّة، والسبب يرجعه البعض إلى ذلك التقليد في نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما وزعها الجنود على الأطفال بعد إنزال النورماندي، أي أنها نجحت في أن تخلق لنفسها مكانة رمزية في ثقافتنا الحديثة، لا تقل عن تقدير شعوب المايا والأزتيك لها، التي استخدمتها كنقود بدلاً من الذهب، وكان الكاكاو حاضراً في جميع ممارساتها، في الترحال والدفن والزفاف وموائد الطعام.

في العقود الأخيرة من القرن العشرين، انتقل مركز إنتاج الكاكاو إلى ساحل العاج وغانا، وبلغ إنتاجهما معاً 70 % من من الكاكاو في العالم، واعتمدت مزارع هذا النبات بالدرجة الأساسية على العمالة الرخيصة جداً: الأطفال. وقامت صحف عالمية عدة بتحقيقات استقصائية حول هذه المسألة، ووصل الأمر في عام 2002 إلى مطالبة البعض في الكونغرس الأمريكي بوضع عبارة «شوكولاتة خالية من الرق» على عبوات وقطع الشوكولاتة في الأسواق.

العمل في مزارع الكاكاو يتميز بطبيعة خاصة؛ حيث يقوم الأطفال في تلك المهنة باستخدام أدوات حادة ومواد كيميائية خطِرة، فضلاً عن أن الكثيرين من هؤلاء الأطفال جُلبوا إلى هذه المزارع عن طريق التجارة غير الشرعية في البشر.

ظاهرة عمالة الأطفال، تحتاج إلى مزيد من الحفر الاجتماعي، ففي بعض الثقافات التقليدية، مثل الأرياف، لا يعد عمل الصغار في الحقول انتهاكاً للطفولة؛ بل هو تقليد متوارث منذ آلاف السنين، وتعتبر هناك مرحلة تمهد لانتقال الطفل إلى عوالم الشباب والرجولة. هنا لن تفلح أية دعوات للتوعية أو الإدانة في تغيير النظرة إلى تلك المهنة، خاصة في ظل أوضاع لم تتحول فيها الزراعة بمفهومها التقليدي إلى ثقافة صناعية محددة الأبعاد تتضمن عمالة ثابتة ومخصصة لتلك المهام. أما عمالة الأطفال في بقية قطاعات الاقتصاد الرث فترتبط عضوياً بأوضاع شديدة المأساوية وتدور في أماكن مظلمة تتميز بالعشوائية والزحام وتنتشر فيها الجريمة، وقيم تتناقض جذرياً مع الطفولة، الأمر الذي يحتاج كثيراً إلى قوانين صارمة.

عمالة الأطفال مسألة مرفوضة، تكشف في العمق عن الجانب المظلم لرأسمالية متوحشة لم تكن يوماً رحيمة، مهما تشدقت بعكس ذلك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvuv5rf8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"