عادي

أبواب رشيد العتيقة.. شاهد على التاريخ

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين
بابان قديمان في المدينة

القاهرة: «الخليج»

تروي أبواب البيوت العتيقة في مدينة رشيد المصرية، حكايات مثيرة من صفحات التاريخ الحديث، عندما تصدت تلك المدينة الصغيرة على ساحل المتوسط، لواحدة من أقوى الحملات الإنجليزية التي استهدفت احتلال مصر في بدايات القرن الثامن عشر، قبل أن تنتهي المعارك الضارية مع أكثر من 6000 مقاتل، وخمس وعشرين بارجة حربية إنجليزية إلى نصر مبين.

تنتصب أبواب رشيد العتيقة، على واجهات البيوت القديمة مثل حارس للتاريخ، إذ يرجع عمر بعضها إلى أكثر من ثلاثمئة عام، نجحت خلالها في مواجهة قسوة الزمن، والاحتفاظ بألقها القديم، بسبب طريقة التبخير الفريدة التي يقوم بها الأهالي للحفاظ على الأخشاب التي صنعت بها تلك الأبواب، وحمايتها من نخر السوس والنمل الأبيض، حيث تتم عملية التبخير باستخدام بعض المواد الطبيعية، التي يتم تشكيلها في صورة أقراص، توضع بالقرب من المكان المصاب بسوس الخشب، ويترك بعده المكان مغلقاً بإحكام، لمدة تتراوح بين 3 إلى 4 أيام، فيما يلجأ البعض الآخر لواحدة من أكثر الطرق التقليدية فعالية، عبر دهان سطح الباب المصاب بالثوم المعصور.

تجسد أبواب البيوت العتيقة في رشيد، عظمة العمارة الإسلامية فيها، خصوصاً خلال الفترة العثمانية التي حولت المدينة الصغيرة القابعة على ساحل المتوسط، إلى ما يشبه المتحف المفتوح، الذي يضم 22 منزلاً وحماماً وطاحونة تاريخية، بالإضافة إلى أحد عشر مسجداً وزاوية وثلاثة أضرحة، فضلاً عن منازلها العتيقة التي تعد أكبر مجموعة منازل أثرية بمدينة واحدة في مصر، ومن أبرزها منزل الأمصيلي، ومنزل عصفور، ومسجد زغلول، ومسجد العباسي، ومسجد وقبة الصامت، بالإضافة إلى قلعة قايتباي المعروفة باسم طابية رشيد، وقد اعتمد النمط المعماري السائد في كل تلك البيوت، على الإمكانات البيئية المحلية، بدءاً من تصنيع مواد البناء مثل الطمي والجير والحمرة، وانتهاء بتسقيف المنازل الذي يتم دائماً باستخدام الخشب، ومن عجب أن هذه البيوت صمدت على نحو أسطوري، في مواجهة حملة فريزر البحرية، التي استهدفت احتلال مصر في عام 1807، عندما جردت إنجلترا حملة بحرية ضخمة، مكونة من ستة آلاف مقاتل، حملوا على خمس وعشرين بارجة حربية، من أجل احتلال المدينة، بعد نجاح الحملة في احتلال الإسكندرية، وقد توهمت قوات الاحتلال الإنجليزي، أن ترفع رشيد الراية البيضاء في مواجهة الجحافل التي تدفقت عليها براً وبحراً، قبل أن تفاجأ تلك القوات بهجوم أسطوري من قبل الأهالي، قُتل على إثره 170 جندياً وجرح 250 آخرون، فضلاً عن أسر 120 من القوات الغازية، بعد مقتل قائد الحملة على رشيد الجنرال ويكوب، ما دفع الجيش الإنجليزي إلى العودة مرة أخرى خائباً إلى الإسكندرية.

ويقول الجبرتي في وصف تلك الملحمة، إن الإنجليز حاولوا العودة لرشيد بعد هزيمتهم المدوية، فعملوا على حصارها وضربوها بالمدافع، التي خربت الكثير من مبانيها، وقتلت العديد من أهلها، لكن المدينة لم تستسلم، حتى أتاها المدد من جيش محمد علي فانسحب الإنجليز وكانت تلك بداية نهاية حملة فريزر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdca97zd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"