عادي

من هم «قتلة برابانت المجانين»؟

02:51 صباحا
قراءة 3 دقائق
صورة تداولتها وسائل الإعلام البلجيكية لأحد القتلة المشتبه فيهم بالجرائم

إعداد: وائل لبيب
«قتلة برابانت المجانين».. إسم أثار الرعب والذعر في شوارع بلجيكا في ثمانينات القرن الماضي، بعد تنفيذهم عمليات قتل وحشية لم تفرق بين أحداً على مدار سنوات، قتل فيها عشرات الأبرياء، لم تفلح معها محاولات السلطات في كشف هويتهم،رغم فحصها آلاف المشتبه فيهم، لتعلن رسمياً، الجمعة، إغلاق القضية.
واضطرت الشرطة البلجيكية، بحسب تقرير نشرته «الجارديان» البريطانية، إلى إنهاء التحقيق الذي استمر لعقود من الزمن دون إدانة أي شخص، في جرائم القتل الوحشية التي وقعت في الفترة من 1982 إلى 1985، وأودت بحياة 28 شخصاً، لتبقى قضية باردة بلا حل.
وبدأت الجرائم الذي شغلت الشارع البليجيكي في العام 1982، عندما شنت عصابة مكونة من ثلاث أشخاص عمليات قتل وحشية وسرقات، استمرت حتى العام 1985، ما أسفر عن مقتل 28 شخصاً، من بينهم أطفال، في سلسلة من عمليات السطو على المتاجر، وأصبحت تُعرف باسم«قتلة برابانت المجانين»، إذ تركزت أغلب الجرائم في منطقة «برابانت»، لكن المثير أن «المال» لم يكن بحسب السلطات هو هدف القتلة.
وعلى رغم تخصيص السلطات عشرات من الضباط والمحققين لتتبع أثر الجناة، لكنها تتمكن من تحديد هوية أصحاب «أكبر لغز إجرامي في بلجيكا»، لكنها كانت تعرف أنهم يتكونون من ثلاثة أشخاص، أحدهم عرفه باسم«العملاق» وهو رجل طويل القامة ربما كان القائد)؛ والثاني بـ«القاتل»وهو مطلق النار الرئيسي في الجرائم، والثالث هو«المسن»، وهو رجل في منتصف العمر كان يقود سيارة القتلة.
وتوقفت العصابة الإرهابية عن أنشطتها فجأة في العام 1985، لكن هويتهم ظلت مجهولة وأماكن اقامتهم أيضاًً ولم تفلح التحقيقات التي جرت في تحقيق أي تقدم جدي في حل القضية، ما أثار نظريات بشان احتمال أن يكون أعضاء العصابة عناصر بلجيكية أو عناصر أمن دولة أجنبية إما يقومون بمهام سرية أو يمارسون إرهاباً سياسياً.
وعلى مدار سنوات، قُدمت نظريات غريبة لتفسير من يقف وراء هذه الجرائم المروعةـ وإحدى الفرضيات التي نظرت فيها السلطات بجدية هي أنها كانت محاولة لزعزعة استقرار الدولة من ضباط إنفاذ القانون الحاليين أو السابقين المقربين من اليمين المتطرف. مع ذلك لم يتم حل القضية أبداً.
ولم تتم إدانة أي شخص على الإطلاق على الرغم من التحقيقات المتعددة المتداخلة، وعمليات البحث عن بصمات الأصابع والحمض النووي التي لا تعد ولا تحصى، وعشرات عمليات استخراج الجثث، وحتى الاعتقالات التي أدت إلى توجيه اتهامات ضباط متقاعدين شاكروا في التحقيقات الأولى للقضية.
الشرطة البلجيكية، كشفت أنها في محاولة منها لكشف غموض القضية، فحصت 1815 معلومة، قديمة وجديدة»، وحللت 2748 مجموعة من بصمات الأصابع، وقارنت 593 عينة من الحمض النووي مع تلك الموجودة في ملف القضية. كما استخرجت أيضاً أكثر من 40 جثة.
ووقفت السلطات البلجيكية أيضاً عاجزة عن تفسير دوافع تلك الجرائم، إذ إن الغموض الأكبر أن المبالغ المنهوبة طول تلك السنوات كانت صغيرة نسبياً، إذ سرق حوالي 7 ملايين فرنك بلجيكي أو حوالي 175 ألف يورو، يعني أن المال لم يكن الدافع وراء قتل 28 شخصاً.
واضطرت السلطات إلى فتح القضية مرة أخرى في العام 2018، بعد مقابلة تلفزيونية أجراها أحد أقارب المشتبه فيهم. وفي العام التالي، وُجهت اتهامات إلى ضابط شرطة متقاعد يشتبه في أنه أعاق التحقيق في عام 1986 بإلقاء بنادق وذخائر في قناة مائية. لكنه لم تتم إدانته قط.
والجمعة، جمع المدعون أخيراً عائلات الضحايا - الذين ما زالوا يعيشون دون إجابات لسنوات عددة - لإعلامهم بأن القضية أُغلقت إلى الأبد.
وقالت آن فرانسين، رئيسة مكتب المدعي العام الفيدرالي البلجيكي، الذي تولى القضية قبل ستة أعوام، للصحفيين في بروكسل: «أجرينا جميع التحقيقات الممكنة. للأسف، لم نتمكن من إظهار الحقيقة إلى السطح».
وعبرت إيرينا بالسترمان، التي كان والدها واحداً من ضحايا العصابة عن حزنها قائلة:«هذا يعني أن القضية دُفنت الآن».
لكن عدد من ذوي الضحايا مازالوا يعتقدون في وجود تلاعب في القضية، وأنه كان هناك تستر، واتهموا من وصفوهم بضباط شرطة «مارقين» بـ«تخريب» التحقيق لحماية الجناة.
وستغلق القضية رسمياً بعد جلسة استماع إجرائية ستُعقد قريباً في بروكسل، حيث ستتاح للعائلات فرصة أخرى لطلب طرق جديدة للتحقيق. وبموجب القانون البلجيكي، لايسري السقوط بالتقادم على جرائم معينة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4fem3cvc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"