نحو عقول كبرى للأفكار الكبرى

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف ترى الفارق بين البلدان المتقدمة وتلك المتعثرة؟ المسافة تمثّل أزمنةً وعصوراً، وإلا فإن الذهن يحتاج إلى تحديث مع حالة تأهب قصوى. ثمّة منغّصات غير مستحبّ قولها بطريقة بافاروتي حين يصعد إلى جواب «التينور»، يكفي التنفيس بالهمسات، بالصمت الرهيب.

حالة صعبة من نكد الدنيا، فالفرق شاسع بين مجتمعات لا تستطيع محو الأمّية في قرنين، وتعيش متزامنةً مع آدميين من دم ولحم، يمشون على قدمين، ولكنهم يمتلكون مراكز بحث علمي تسعى إلى اكتشاف المادة السوداء والطاقة السوداء، وتصرّ على معرفة «نظرية الكل»، أي الوصول إلى المعادلة التي تجتمع فيها القوة الكهراطيسية، القوة النووية القوية، القوة النووية الضعيفة والجاذبية. لدى هذه المراكز طموح إلى قوى الكون الكبرى، بعبارة أخرى: محاولة فهم أسرار الخلق. أوَليس الإنسان خليفة الله في الأرض؟ أليس مضحكاً مبكياً أن يستسهل البعض الحصول على بطاقة الخلافة في الأرض، بشهادة أمّية، في كون أبدعه الخالق بالرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء؟ لن نذهب إلى أن الأمّية، إذا أردنا معادلتها في أنظمة الشهادات، ستكون أفضل قليلاً من مستوى «النياندرتال»، ومن بدايات «الهوموسابيانس»، الإنسان العاقل، غير أن التخلف يجب أن يقاس بعشرات ألوف السنين. التعايش في زمن واحد لا يعني الكثير، أو لا يعني شيئاً. تختلف الأمور عندما تتسلّح العين بمقراب يرى المسافات الكونية على مدى أكثر من عشرة مليارات سنة ضوئية.

كيف الحل؟ كل ما على المناهج هو أن تدرك أن الآباء يضعون في أمانة المدارس جماجم في كل واحدة أعظم حاسوب كوني، فيه 86 مليار خلية عصبية، بينها 86 تريليون من التشابكات العصبية. المناهج العربية تهدر السنين ولا يحسن الطالب كتابة سطور سليمة.

تجاوز الزمن هذا النوع من المناهج. الأفكار الكبرى، تحتاج إلى ابتكار مناهج كبرى، طائرة، محلّقة. يا أستاذ، أنت مطالب بأن تفكر بمقاييس عام ثلاثة آلاف، بينما تهندس مناهجك بعقلية ما قبل ألف سنة. يجب إدراك ضرورة التحديث الفكري والذهني، مواكبةً لتحوّلات النماذج الفكريّة للعصر، والأُطر الفكريّة المستشرفة مستقبلاً، وهذه تقتضي التعامل بذكاء وعلم مع الموروث الثقافي، حتى لا نتسمرّ في الماضي واهمين أننا روّاد الأصالة. لكن، لا فائدة من ذلك إذا لم يصبح نبراساً وخططاً عمليّة لأنظمة التعليم.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: تخريج الموظفين لا يحتاج إلى أكثر من قُمع لصبّ المعلومات. تربية الأدمغة والعقول الفائقة شيء آخر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/rek6rx7h

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"