تغييرات مزلزلة

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

أصبحت الحاجة إلى نظام عالمي جديد من القناعات المتفق عليها بين كل الدول، كبيرها وصغيرها، وإن اختلفت الغايات والوسائل. وما من مناسبة، أو تجمع لأيٍّ من أشكال التكتل، إلا ويعلو في أروقتها أو خلاصاتها حديث عن أن النظام العالمي اهترأ إلى حد جلي يستوجب استبداله أو تقويمه بحيث يتحرر مما عابه طويلاً، خاصة هيمنة دولة بعينها على مفاصله، أو التأرجح بين إرادات قطبين يدهس صراعهما كثيراً من مصالح الشعوب، ويتجاهل حقوق كثير من الدول.

ولعل في القضايا الساخنة والملفات التي تفرض نفسها على العالم الآن ما يكفي من الأدلة على وجوب إصلاح النظام العالمي، فلا يبقى رهين قوة أو أكثر، ولا تفقد مؤسساته هيبتها بتكرار عجزها عن فرض كلمتها أو التحرك في أي ملف.

ولسنا في حاجة إلى أن نذهب بعيداً، ففي غزة ما يكفي من الأدلة اليومية منذ بدأت الحرب فيها على هشاشة هذا النظام، ورافقت أزمة أوكرانيا أيضاً معارك جانبية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشكل رئيسي، ومحورها هو سعي طرف لإرساء القواعد الاستثنائية المستقرة منذ عقود في العلاقات الدولية، ومحاولة آخر الترويج لعالم جديد تتبدل فيه موازين القوى وتراعي مصالح الجميع.

الرئيس الأمريكي جو بايدن قال قبل فترة إنه مع بناء نظام عالمي جديد، لكنه ادعى أن بلاده قادرة على تشكيله، ولا شك أنه يرمي إلى قدرتها على الاستمرار في إدارته بقواعد معوجّة، وهو ما تتصدى له روسيا والصين وتسعيان في أكثر من اتجاه للترويج لحتمية تعدد الأقطاب، والأشكال الناظمة للتعاون بين الدول على أساس يحقق مصالح الجميع.

كان توسيع العضوية في «بريكس»، وانضمام الإمارات ومصر والسعودية وإيران وإثيوبيا إليها منذ بداية العام الجاري، أحد التحركات في إطار هذا التعدد، وإحداث توازن اقتصادي بهذه الخطوة؛ تأسيساً على قوة ما تتميز به المجموعة اقتصادياً وسكانياً وجغرافياً.

وفي تحركات روسيا والصين، وهما من الدول المؤسسة للمجموعة الممثلة لخمس وأربعين في المئة من سكان العالم، إصرار على بلوغ هذا التوازن، وهو مطلب لمعظم دول العالم، وإن حاولت الولايات المتحدة عرقلته.

روسيا والصين أيضاً، هما أقوى عضوين في منظمة شنغهاي للتعاون وقائداها، أكدا مع بقية أعضائها بعد قمة كازاخستان، نهاية الأسبوع الماضي، أن التغيير المرتجى آتٍ ثمرة ل«تغييرات مزلزلة تحصل على مستوى السياسة والاقتصاد العالميين وفي ميادين أخرى من العلاقات الدولية»، ومعها يبرز نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وأكثر إنصافاً.

النظام الذي طال انتظاره ترى روسيا والصين أنه قريب، وسيكون بديلاً للهيمنة الأمريكية على شؤون العالم.

ومنطلقاً من قناعته بأن العالم يقف على مفترق طرق، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهو يخاطب المشاركين في القمة، إلى أن تقف المنظمة إلى جانب العدالة في رسالة جديدة مفادها حتمية تغيير النظام العالمي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mry6b3yr

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"