فرصة أخيرة للهدنة

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عاد الحديث مجدداً عن احتمال إبرام صفقة تفضي إلى إرساء هدنة في قطاع غزة، بعد سلسلة من الاتصالات والمشاورات والضغوط لإنهاء الحرب الإسرائيلية التي تدخل اليوم شهرها العاشر، من دون أن تحقق لتل أبيب أهدافها المعلنة، لكنها ألحقت دماراً لا يوصف بالقطاع الفلسطيني الصغير، وشهدت سلسلة من أبشع جرائم الحرب، ودفعت المنطقة برمتها إلى شفا صراع شامل.

تسعة أشهر مضت من الحرب والقتل والإبادة، لم تغيّر الوضع الذي مازال في مربعه الأول، إذ لم تتمكن آلة الحرب الإسرائيلية، بكل ما تحمله من حقد وتطرف، من استعادة الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وحتى عندما تَدَخَّلَ الداعم الأمريكي بمقترح، أواخر مايو الماضي، لعقد صفقة على مراحل، تفضي إلى إنهاء الحرب، اصطدم بتمرد حكومة التطرف الإسرائيلية الرافضة لأي وقف للقتال، متوهمة أن الحل العسكري سيؤدي بها إلى الخروج منتصرة بعودة الرهائن، لكن بعد مرور نحو ستة أسابيع، تبين أن الموقف يستدعي عودة إلى المفاوضات، خلال أيام قليلة، وهو ما ناقشه فعلاً رئيس الموساد مع الوسطاء في الدوحة، على أساس اتفاق معدل بين تل أبيب وحركة «حماس» يشمل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، ومن بينهم الجنود والرجال المتبقون، خلال فترة 16 يوماً بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، في حين يبدي الوسطاء، من مصر وقطر والولايات المتحدة، تفاؤلاً مشوباً بالحذر، مؤكدين العزم على بذل كل جهد يضمن انتهاء هذه المفاوضات، باتفاق واستمرار وقف إطلاق النار، حتى التوصل إلى صيغة تنهي هذه الحرب، وتنقذ المنطقة من مصير مجهول.

طريق التوصل إلى هدنة ثابتة في غزة لن يكون عملية سهلة، بحسب ما تقر الأوساط الإسرائيلية، ذلك أن طول أمد الحرب، وتفاقم خسائر تل أبيب العسكرية والسياسية، وملاحقتها قضائياً، وزيادة عزلتها دولياً، قد ضيقت الخناق على حكومة بنيامين نتنياهو، وأغلقت أمامها أبواب المناورة باستمرار حربها العبثية التي تواجه انتقادات حادة من أقرب الحلفاء والداعمين، فالولايات المتحدة، التي يعرف رئيسها جو بايدن أزمة خانقة، وسط مطالبات من حزبه بالتنحي من السباق الرئاسي، تضغط منذ فترة لإبرام الهدنة. وفي مسعى منها لعدم تفويت الفرصة المفترضة، أعلن مسؤول أمريكي تقديم مقترح جديد يقوم على هدنة متدرجة، تنتهي بوقف إطلاق نار «غير معلن». وهذا المطلب ليس أمريكياً فقط، بل إن بريطانيا، التي تولّى حكومتها حزب العمال بعد الهزيمة الساحقة للمحافظين، بدأت ترفع صوتها لوقف إطلاق النار، وإنهاء المأساة الإنسانية، من دون أن تسقط تعهداً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.

كرة الهدنة مازالت في ملعب إسرائيل، فقد عرقلت قبل أسابيع إبرام الصفقة، ونقضت كل تعهداتها التي أعلنها بايدن نيابة عنها، ودخلت بسبب ذلك في حرب كلامية مع حليفها الأمريكي. والفرصة الجديدة، التي يجري الحديث عنها، لا توجد ضمانات تؤكد الالتزام بها، بل ستظل كسابقاتها رهينة أهواء المتطرفين في تل أبيب، وإذا كانت فرصة بالفعل، فستكون الأخيرة قبل أن تخرج الأوضاع عن السيطرة تماماً، لا سيما وأن خطوط التماس في جنوب لبنان تبدو مشتعلة أكثر من السابق، وتتصل بأوضاع إقليمية ودولية شديدة التقلب، وتفرض على الجميع ضبط النفس والامتناع عن التهور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mu7kb2k3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"