عادي

حرية الإرادة من وجهة نظر علمية

22:49 مساء
قراءة 3 دقائق
حرية الإرادة من وجهة نظر علمية

القاهرة: الخليج

يجمع هذا الكتاب لمات ريدلي وعنوانه «الطبع والتطبع.. الجينات والخبرة وما يجعلنا آدميين»، خلاصة الصراعات العلمية التي دارت بين الطبع والتطبع، وهل تتحدد صفات البشر من خلال جيناتهم (الطبع) أم من خلال البيئة (التطبع)، وصار الصراع على أشده عندما تم اكتشاف الجينوم البشري، الذي يحتوي على 30 ألف جين، فهناك من العلماء من زعم أنه ليس هناك ما يكفي من الجينات لإحداث التغيرات الطارئة على البشر.

أما مؤلف الكتاب، فقال إن الطبع والتطبع يمكن الجمع بينهما، وإن الجينات مهيأة لتأخذ دورها من التطبع، فلا يمكن القول إن الجينات لا تتغير في «الدنا»، فالجينات يحدث لها تغيرات طوال حياة البشر، وفي الغالب يرجع ذلك إلى البيئة المحيطة التي تقوم بدور العامل المثير.

إن الدراسة المسحية التي قام بها ريدلي والمعروفة بتفاعلات الطبع مع التطبع تستحق أن يقال عنها إنها دراسة موسوعية تم تناولها بموضوعية عالية وأسلوب جزل.

  • ادعاء

على الرغم من المساعي التي قام بها ديكارت وسبينوزا وهيوم وكانط وميل، فإن ويليام جيمس «أصر على أنه لا يزال هناك بعض العصير الذي لم يعصر بعدُ من فاكهة قضية حرية الإرادة المطروحة للنقاش، وتحول جيمس إلى الإنكار التالي: «أنكر تماماً الادعاء الذي يحاول أن يثبت لك أن حرية الإرادة أمر حقيقي، فكل ما آمله هو حث بعضكم حتى يتبع ما حذوته في صحة هذا الادعاء».

بعد قرن من الزمان لا تزال هذه العبارة نفسها تستعمل، على الرغم من كل المساعي التي بذلها الفلاسفة للتأثير بالعالم في الزعم بأن حرية الإرادة ليست بوهم، كما أنها ليست بالمستحيل، فالشخص العادي سواء كان رجلاً أو امرأة لا يزال ثابتاً في مكانه الذي كان فيه؛ لذا يمكنهم أن يدركوا هذه الإشكاليات بكل سهولة، ولكنهم لا يستطيعون أن يدركوا الحل، فمع وضع العلم سبباً لسلوك كل فرد من الأفراد، يبدو من الصعوبة بمكان إبعاد الحرية عن التعبير عن الذات، إلا أننا نشعر بأننا أحرار في اختيار تصرفنا التالي، في حالة عدم التنبؤ بسلوكنا فالسلوك غير عشوائي، لذلك يجب أن يكون هناك سبب، وإذا كان هناك سبب للسلوك فإنه يكون مقيداً وغير حر.

من الجانب العملي فشل الفلاسفة في حل هذه المشكلة، وقال سبينوزا إن الاختلاف الوحيد بين البشر والحجر الذي يتدحرج إلى أسفل، هو أن البشر يعتقدون أنهم مسؤولون عن مصيرهم.

أما لوك، فقد قال إنه من المُحال أن نسأل إذا ما كانت إرادة الإنسان حرة تماماً، كما لو كنا نسأل إذا كان نومه سريعاً، أو أن عفته قوية، أما هيوم فقال إنه إما أن تكون أفعالنا جبرية (وهي الحالة التي لا يمكن معها أن نفعل أي شيء حيال ما يصدر منا)، وإن أفعالنا عشوائية (وهي الحالة التي لا يمكن أن نفعل أي شيء حيالها أيضاً).

يقول مؤلف الكتاب لو أن الآباء أو الأصدقاء أو المجتمع هو من يصنع الشخصية تماماً، فإن الأمر يرتبط بالجبرية، وليس الحرية، وأوضح الفيلسوف هنريك والتر، أن الحيوان يخضع للجبرية والجينات بنسبة 99% و1% يرجع إلى نشاطه الذي يقوم على حرية الإرادة، فالطبع لا يمثل تهديداً لحرية الإرادة في شكل الجينات التي تؤثر في السلوك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wexp7k9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"