كل ما تريد معرفته عن الاستثمار في الذهب (2 - 2)

21:40 مساء
قراءة 4 دقائق

محمد حشاد *

هناك الكثير من منصات التداول الإلكترونية التي توفر خدمات التداول في عقود الذهب بأنواعها، كما أن هناك شركات تبيع الذهب الحقيقي في شكل العملات الذهبية والسبائك التقليدية. وفي حالة شراء الذهب الحقيقي، هناك شركات موثوقة يمكن أن تبيع المعدن النفيس بشك آمن علاوة على توفير سبل تخزين آمنة لممتلكاتك بعد الشراء مقابل رسوم تخزين. أما التداول الإلكتروني في عقود الذهب بأنواعها، فيتم عن طريق منصات التداول الإلكترونية التي توفرها شركات الوساطة المالية للتداول في أغلب الأصول والمشتقات المالية. ويتم شراء وبيع العقود الفورية للذهب (ٍSpot Gold) بنفس سعر وقت الشراء أو البيع، بينما تُشترى العقود الآجلة للذهب بسعر الذهب في تاريخ متفق عليه. أما عقود الخيارات، فيتم شراؤها وبيعها بسعر متفق عليه في تاريخ متفق عليه. ويتم التداول في الذهب عبر صناديق الاستثمار المتداولة تماماً بالطريقة نفسها التي يتم التداول بها في الأسهم، وهي عبارة عن سلة من الأصول المالية التي قد تحتوي على ذهب حقيقي، وعقود آجلة للذهب.

هناك كلفة للتداول في الذهب تختلف مع كل طريقة تداول، فشركات الذهب التي تجري تعاملاتها عبر الإنترنت تفرض زيادة في الأسعار على ما تشتريه وما تبيعه من الذهب الحقيقي. وإذا فضلت تخزين الذهب الحقيقي لدى الشركة التي اشتريت منها، في هذه الحالة سوف تخضع لرسوم تخزين آمن.

كما يوصى بالتأمين على ممتلكات المستثمرين في الذهب الحقيقي ضد السرقة أو الضياع لأي سبب كان، وهو بالطبع ليس إجبارياً، بل يتم باختيار المستثمر، ويترتب على التأمين كلفة إضافية. وعند اختيار التداول الإلكتروني في عقود الذهب المختلفة، تفرض شركات الوساطة كلفة في شكل نسبة مئوية من قيمة كل صفقة. وأحياناً ما تعفي بعض هذه الشركات المستثمرين من كلفة أو رسوم التداول. وهناك أيضاً كلفة قد تنتج عن فروق الأسعار علاوة على كلفة الهامش التي يشترط الإبقاء عليها في حساب المتداول عند استخدام الرافعة المالية.

تساعد الاضطرابات الجيوسياسية في المناطق المهمة حول العالم على ارتفاع أسعار الذهب، إذ تُحدث تلك الاضطرابات حالة من الهلع في الأسواق، ما يؤدي إلى تراجع كبير في شهية المخاطرة وتقلبات في أسواق المال. ومن الطبيعي وقت تلك التقلبات أن يكون الذهب هو الملاذ الآمن المثالي للتحوط ضد أي انهيار محتمل في قيمة أصول المخاطرة. وتتمتع قرارات الفائدة من البنوك المركزية الرئيسية، خاصة بنك الاحتياطي الفيدرالي، بقدرة كبيرة على التأثير في الأسعار العالمية للذهب؛ فكلما رفع الفيدرالي الفائدة أو أبقى عليها عند مستويات مرتفعة كان ذلك ضاراً بالمعدن النفيس؛ نظراً لأن تلك القرارات من شأنها أن تصبّ في صالح الدولار الأمريكي، وهو ما يعني أن العملة سترتفع ومن ثم سيهبط الذهب بسبب العلاقة العكسية بين العملة الأمريكية والمعدن النفيس. وتتضمن علاقة الذهب بالدولار الأمريكي أيضاً إمكانية تأثر المعدن النفيس بتقلبات العملات العالمية بصفة عامة، بسبب العلاقات القوية بين سلة العملات الرئيسية.

تلعب البنوك المركزية في دول الاقتصادات الرئيسية دوراً بالغ الأهمية في حركة سعر الذهب وتشكيل ملامح الاتجاه الذي يتخذه المعدن الثمين؛ إذ تعتبر البنوك المركزية من أكبر المشترين للذهب بهدف الاحتفاظ به كاحتياطيات نقدية أو احتياطيات نقد أجنبي، ما يجعلها مفتاحاً أساسياً من مفاتيح الطلب على الذهب. وعند زيادة مشتريات البنوك المركزية من الذهب، لا ينتج عن ذلك زيادة في الطلب فقط، إنما تزداد الثقة بالمعدن النفيس أيضاً.

ورغم أن السلطات النقدية في دول الاقتصادات الرئيسية حول العالم قد تتخذ القرار في بعض الأحيان ببيع كميات قليلة من الذهب، إلا أنها تميل أكثر إلى الاحتفاظ بكميات كبيرة منه، ما قد يؤدي إلى تراجع المعروض منه ومن ثم ارتفاع الأسعار.

هناك فروق بين الذهب وباقي السلع العالمية الرئيسية، مثل النفط والنحاس والفضة وغيرها من السلع، وتتلخص هذه الفروق في أن التداول بالمعدن النفيس ينطوي على مخاطرة أقل من التداول في السلع الأخرى؛ فهو من أصول الملاذ الآمن وعلاقته ضعيفة بأصول المخاطرة مثل الأسهم العالمية. كما يتمتع الذهب بحركة سعر تميل إلى الاستقرار في أغلب الأحيان وبعيدة إلى حد كبير عن التذبذب الحاد، كما أنها تستفيد من تقلبات السوق. من جهة أخرى، معروف عن الذهب أنه من الأصول التي تدر عوائد قليلة جداً وأحياناً لا تكون هناك مكاسب على الإطلاق. لكن المعدن النفيس في الوقت نفسه يتمتع بقدرة هائلة على حماية الأموال من التآكل بفعل التضخم.

يبدو من الوهلة الأولى، في ضوء مستجدات الأحداث على صعيد البيانات الاقتصادية وخطاب بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن الذهب مقبل على مكاسب كبيرة على المدى المتوسط والطويل. لكن على المدى القصير، قد يتعرض المعدن النفيس لبعض التقلبات التي تحد من مكاسبه. بصفة عامة، يلقي خطاب الفيدرالي في المرحلة الراهنة الضوء على ميل لدى أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، المسؤولة عن قرارات السياسة النقدية، إلى خفض الفائدة وسط توقعات بأن يبدأ الخفض في نوفمبر المقبل. ومن الطبيعي أن يؤدي خفض الفائدة الفيدرالية إلى تراجع الدولار الأمريكي ومن ثم يستفيد المعدن النفيس من ذلك بسبب العلاقة العكسية بين هذين الأصلين من أصول الملاذ الآمن.

هناك استراتيجيات للتداول في الذهب من شأنها أن تؤدي إلى تعظيم الأرباح من المعدن النفيس، أبرزها الاستراتيجية التي تتضمن التداول في عقود خيارات الذهب. لكن هذه الاستراتيجية لا تتناسب مع المبتدئين؛ نظراً لأنها تحتاج إلى قدر من الخبرة استراتيجي الأسواق في التداول في أسواق المال. وتتميز هذه الطريقة التي تعتمد على بيع الذهب بسعر متفق عليه وفي تاريخ متفق عليه، بأنها تمنح المتداولين الفرصة في عقد صفقات قد تدر أرباحاً كبيرة بناء على توقعات التحركات المستقبلية للمعدن النفيس. ويمكن أيضاً اللجوء إلى استراتيجية أخرى تتضمن التداول في عقود الفروقات، الذي يقوم على أساس الاستفادة من الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء. ويمكن أيضاً اللجوء إلى التداول في العقود الآجلة للذهب. بصفة عامة، يُعد التداول في عقود الذهب باختلاف أنواعها من الطرق التي من شأنها زيادة ربحية عملية المتاجرة مقارنة بالتداول في الذهب الحقيقي.

* كبير استراتيجيي الأسواق في نور كابيتال

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jfjduz6

عن الكاتب

كبير استراتيجي الأسواق في نور كابيتال

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"