أبطال الإنسانية

01:53 صباحا
قراءة دقيقتين

في الحروب، في الكوارث التي قد تحصل فجأة سواء كانت طبيعية أم بفعل من البشر، يتصدر المشهد مجموعة من الأشخاص يكونون أول من يهبّ إلى مدّ يد العون، أول من ينتشل المصابين والضحايا، أول من يسعف، أول من يطفئ، أول من يُقدم المأكل والمشرب والمأوى.. وأحياناً يصبحون هم الضحايا ويدفعون ثمن ذلك الدعم غير المشروط، هم أبطال يفعلون المستحيل ويواجهون المخاطر لأجل إنقاذ أو مساعدة غيرهم.
المسعفون، المنقذون، المتطوعون، وكل عامل في مجال إنساني يتميز بمواصفات لا تظهر عند كل الناس، فتجده أول من يجازف ويسرع لمساعدة الآخرين في أي موقف طارئ أو حادثة، لا يتردد ولا يتحرك بفعل الفضول لمعرفة ما الذي يحدث، بل تحركه نخوته وحبّه للمساعدة والإنقاذ، أياً كان الموقف ومهما كانت درجة صعوبته وخطورته؛ هؤلاء يكرّمهم العالم بعد أيام قليلة، في التاسع عشر من أغسطس/ آب، اليوم العالمي للعمل الإنساني، لكن بعض المناسبات العالمية تمر دون أن يشعر بها كل الناس ودون أن تأخذ حقها من التنويه والإضاءة كي يلتفت إليها الكبار والصغار، علنا نذكّر ونتذكر أهمية وقيمة العمل الإنساني، والذي نحتاج إليه جميعاً في حياتنا، ونتعرض لمواقف كثيرة نتمنى فيها أن نجد من يساعدنا ويدعمنا.
كل من تمرس في العمل الإنساني لا ينتظر «مقابلاً» ولا ينتظر أن يعيد له الإنسان «هذا الجميل» لأنه بالأصل لا يعتبره جميلاً بل واجباً إنسانياً يحرضه عليه ضميره وإحساسه وأخلاقه؛ وكل من تمرّس في العمل الإنساني يكون كريم النفس، معطاء نبيلاً طيباً.. ليس بالضرورة أن تكون من معارفه أو أصدقائه كي تلمس تلك الصفات فيه، فهي لا شك أصيلة لديه، عنوان شخصيته وأخلاقه وهي التي تدفعه للعمل بكل محبة وباندفاع وبلا أي خوف أو تردد.
العمل الإنساني هو المحرض على فعل الخير، لأنه تجسيد حقيقي لمعنى الخير والعطاء بلا مقابل، ووجه جميل لمعنى التسامح والأخوة الإنسانية، فالمتلهف للمساعدة في أي ظرف صعب لا يسأل عن هوية أو لون أو انتماء المصاب أو أي إنسان يحتاج للمساعدة، والتي تتجسد بأشكال مختلفة حتى ولو كانت مجرد سؤال وعون لمن تعطلت به سيارته في الشارع، أو مساعدة إنسان في عبور طريق..
تحية تقدير لكل من يضع مساعدة الآخر أولوية في حياته، ولكل من يرى في تلك المساعدة مهنة إنسانية تسبق أي مهنة أخرى في حياته، ولكل من ينقذ حياة الآخرين على حساب حياته، ولكل من يرفع من قيمة الإنسان في وقت يكثر فيه المتهافتون على إهانة آدمية البشر وتقزيم حجم القيم الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية، ويكثر فيه اللاهثون لإشعال الحروب غير عابئين بالأرواح البشرية البريئة التي تدفع الثمن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5njrm67p

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"