الترهيب لا يصنع نجاحاً

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

بشغف وقلق وربما خوف ينتظر طلاب الثانوية العامة في الصيف نتائج الامتحانات، ويكون الحال صعباً في بعض الدول العربية، حيث نسمع عن حالات انتحار وانهيار وغيبوبة بين الطلاب والطالبات، بسبب شدة توترهم و«رعبهم» من تلك النتيجة، وكأنها المعبر الوحيد في حياة الطالب نحو مستقبل ناجح! ويعوّل أولياء أمور عليها الكثير وكأنها الضامن الوحيد لحصول أبنائهم على مستقبل مشرق.

تستغرب ذلك الهلع من «الثانوية العامة»، خصوصاً ونحن في زمن لم تعد تلك الشهادة هي أقصى الحلم ولا آخر المطاف، كما كانت في زمن الآباء والأجداد؛ هي معبر من المرحلة المدرسية إلى الجامعية، صعبة للبعض ومرهقة للبعض ولكنها لا تستدعي إصابة الطلاب بالرعب والتشنج وتوتر أولياء الأمور إلى حد تهديد أبنائهم بالعقاب في حال رسوبهم أو عدم تحقيقهم التفوق المأمول؛ لا سيما أن العالم بتطوره الحديث فتح آفاقاً جديدة أمام الأبناء ليكتشفوا نقاط قوتهم ويختاروا المجال والتخصص الذي يمكّنهم من التميز فيه، قادرون اليوم على الإبداع والابتكار واكتشاف مهارات لديهم فينجحون بعيداً عن التخصصات التقليدية التي يرسمها لها الأهل.

حين نسمع عن مراهق يبلغ ١٥ عاماً نال لقب أصغر «أستاذ كبير» (جراند ماستر) بالشطرنج في بريطانيا، تتأمل حكمة والديه في توجيه ابنهما وهو في الخامسة من عمره نحو ما ينمي شدة ذكائه وحبه وتفوقه في الرياضيات، انتبهت الأم إلى مهارات طفلها فسارعت إلى إلحاقه بنادٍ للشطرنج، وهكذا كبر الصبي شرياس رويال الذي جاء مع والديه من الهند ليقيموا في لندن وهو طفل، كبر على حب التحدي وتنمية مهاراته في الشطرنج، فنجح وتمكنت أسرته بفضل هذا التفوق والتميز من الحصول على الجنسية البريطانية.

ليس المطلوب أن يكون كل الأبناء عباقرة، ولا المطلوب أن نقارن بينهم وبين شرياس وأمثاله من المتفوقين حول العالم، إنما المطلوب أن نساعد الأبناء على تنمية مهاراتهم واكتشاف نقاط القوة لديهم، ومساعدتهم وتشجيعهم على تحقيق أهدافهم، نستطيع توجيههم نحو الطريق الصحيح شرط أن يكون من أجل تحقيق النجاح في ما يبرعون فيه وما يرغبون في التخصص به لا في ما يريده الأهل ويتباهون به أمام الناس والأقرباء؛ فالنجاح لا يأتي عن طريق الترهيب والضغط والإجبار، بل ينبع من الحب وحرية الاختيار وتحمل المسؤولية عن وعي واقتناع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2j8wvec5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"