عادي

بعد مقامرة كورسك.. أوكرانيا تقاتل بالطهاة على الجبهة الشرقية وتتكبد خسائر استراتيجية

21:15 مساء
قراءة 5 دقائق

إعداد ـ محمد كمال
في الوقت الذي قالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا بدأت تحريك عدة آلاف من قواتها التي تحارب على الجبهة الشرقية في أوكرانيا، إلى مقاطعة كورسك، بعد أيام من توغل قوات أوكرانية داخلها، فقد أكدت أن وتيرة التقدم الروسي المتسارع في شرق أوكرانيا لم تتأثر، إذ تعاني القوات الأوكرانية معاناة شديدة دفعت أحد القادة إلى الاعتراف بأنهم ينشرون الطهاة والميكانيكيين وكبار السن حالياً لسد العجز في الخنادق.
وبينما تحاول أوكرانيا رفع معنويات قواتها المتراجعة على الجبهة الشرقية، بالتركيز على توغلها داخل روسيا وسيطرتها على العديد من البلدات، فقد أعلنت روسيا بالفعل سيطرتها على قرية سيرجيفكا، وهي قرية تقع على بعد حوالي تسعة أميال من مركز بوكروفسك اللوجستي الذي تسيطر عليه أوكرانيا.
وتحاول كييف استغلال المقامرة الخطرة التي تنفذها داخل الأراضي الروسية، للفت الانتباه عن الأوضاع الصعبة التي تعيشها قواتها على الجبهة الشرقية، لكن سحب قواتها المدربة من هذه الجبهة والدفع بها إلى داخل الأراضي الروسية وفتح جبهة حرب جديدة جعل وضعها القتالي أسوأ من ذي قبل، بل وسهل من تقدم القوات الروسية.
خسائر استراتيجية 
واعترف قائد الكتيبة 21 من اللواء الرئاسي المنفصل، الذي حاول مواجهة التقدم الروسي الأسبوع الماضي على أطراف بلدة كراسنوهوريفكا المتنازع عليها: «ليس لدينا ما يكفي من الأشخاص للقيام بعملنا بشكل صحيح»، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
ويشير مراقبون إلى أن القوات الروسية بدأت تكتسب الأراضي بمعدل أسرع من أي وقت مضى منذ الأسابيع الأولى للحرب الجارية، وهي الآن تتقدم نحو المركز اللوجستي في بوكروفسك. 
وبالنسبة لأوكرانيا، فإن خسارة بوكروفسك ستؤدي إلى قطع شريان حيوي يزود القوات التي تقاتل في الشمال الشرقي، بما في ذلك مدينة تشاسيف يار، التي تقع على المرتفعات التي تحمل مفتاح السيطرة على المنطقة. وبدأ المسؤولون في بوكروفسك يوم الخميس في حث المدنيين على الإخلاء.
وأكد مسؤولون أمريكيون ما ذهبت إليه وزارة الدفاع الروسية من أن روسيا بدأت في نقل قواتها من أوكرانيا رداً على توغل كورسك، لكنهم لم يعطوا أرقاماً أو يذكروا المناطق التي أتوا منها. وفي الوقت نفسه، تعيد أوكرانيا أيضاً نشر قواتها من الجبهة الشرقية إلى كورسك، مما يترك الوحدات أكثر تمدداً.
ويؤكد القادة الأوكرانيون في الشرق أن الوضع أصبح أكثر صعوبة خلال فصل الصيف، مع عدم وجود أي إشارة إلى أن القوات الروسية تخفف من حدة وجودها منذ بدء التوغل في كورسك. 
وعلى الرغم من الموافقة على حزمة مساعدات عسكرية أمريكية أخرى في إبريل/نيسان، فإن القوات الأوكرانية لا تزال تعاني نقصاً شديداً في ذخيرة المدفعية، في الوقت الذي تتمتع فيه روسيا بميزة 10 إلى 1 بالنسبة لنيران المدفعية في بعض المناطق. وبالإضافة إلى ذلك، يقوم الروس بتحييد الطائرات الأوكرانية بدون طيار باستخدام أجهزة التشويش الإلكترونية. لكن العامل الأكبر، كما يقول الضباط الأوكرانيون هو نقص القوات.
نشر الطهاة والعمال 
وقال رائد بالجيش يبلغ من العمر 45 عاماً، متمركز في منطقة تشاسيف يار خلال الشهرين الماضيين: «إذا كان من المفترض أن يكون لدينا خمسة أو ستة أشخاص لمهمة ما، فحالياً أصبحوا إما ثلاثة وإما اثنين». وقال إنهم كانوا عاجزين لدرجة أنه تم نشر الطهاة والميكانيكيين وغيرهم من الموظفين الخلفيين في الخنادق. وأكد أنها مسألة وقت قبل أن يجد الجانب الروسي «نقطة ضعف».
كما اعترف قائد الكتيبة 21، ويدعى «كوشر»، أنه عندما وصل رجاله إلى منطقة كراسنوهوريفكا في الربيع، كان لديهم نفس عدد الرجال تقريباً مثل الروس. لكنه أضاف أن الروس يتمتعون الآن بميزة القوى البشرية بحوالي خمسة إلى واحد. كما يتم استبدال حوالي 20% فقط من الضحايا الذين تتكبدهم كتيبته بمجندين جدد، ويميل الرجال الذين يصلون إلى أن يكونوا أكبر سناً من أولئك الذين تطوعوا في بداية الحرب. وكما هو الحال في الألوية الأخرى، ارتفع متوسط ​​عمر جنود المشاة إلى أكثر من 40 عاماً.
وقال كوشر إن الجنود المنهكين يقضون وقتاً أطول في الخنادق، لأنه لا توجد قوات جديدة لتحل محلهم. وقبل عدة أشهر، أرسل أحد قادة فصيلته، الذي يُدعى زاك، ليحل محل جندي منهك في الخندق لمدة أسبوع. وعاد زاك في أواخر يوليو/تموز، بعد أن أمضى 50 يوماً هناك. وكان لا بد من التخلي عن ثلاث محاولات لتناوب القوات عندما بدأت الهجمات الروسية. وأمضى جندي آخر 105 أيام في نفس الخندق وهو الآن يتعافى في المستشفى.
وأضاف: «الوضع لا يسمح لي حتى بطلب أيام إجازة، سأشعر بالسوء عندما أغادر». 
هجمات الدرجات النارية 
وتستفيد الهجمات الروسية باستخدام راكبي الدراجات النارية، والتي أصبحت شائعة على طول الجبهة الشرقية وأسفلها هذا الصيف، من التفوق العددي الذي تتمتع به موسكو، حيث يساعد هؤلاء القوات الروسية في تحديد المواقع الأوكرانية وتأمين موطئ قدم يمكن تعزيزه تدريجياً.
وقال فانتوم، وهو قائد بطارية هاون الكتيبة 21، البالغ من العمر 28 عاماً، من مركز القيادة: «سمعناهم عبر الراديو يقولون: «العدو يطلق النار من هناك، هناك، هناك.. الهدف هو معرفة مكان وجود قواتنا، ثم ضربنا بالمدفعية أو قذائف الهاون أو الطائرات بدون طيار».
وأوضح أحد الجنود: «إذا كان لدينا عدد غير محدود، فسنحاول ضرب هؤلاء الذين يمثلون عناصر استطلاع.. لكن ليس لدينا الكثير من الذخيرة كما نرغب. ولا يمكننا استخدام قذيفة هاون لقتل شخص واحد فقط». كما اشتكت كتائب أخرى في الشرق من نقص مماثل في الذخيرة.
وقال سيفونيسكو، القائد البالغ من العمر 46 عاماً لوحدة استطلاع المدفعية العاملة بالقرب من بوكروفسك: «لدينا أوامر بإطلاق النار على الأهداف الثابتة فقط.. علينا أن ننتظر حتى تتوقف الدبابة قبل أن نتمكن من محاولة ضربها».
انسحاب مؤلم 
وكما هو الحال في الألوية الأخرى، قال سيفونيسكو إن وحدته تعتمد على الطائرات بدون طيار المتفجرة لتعويض النقص في المدفعية. لكنه قال إن فعالية الطائرات بدون طيار أصبحت أقل، لأن القوات الروسية زادت من استخدامها لأجهزة التشويش الإلكترونية، التي تقطع الاتصال بين الطائرات بدون طيار ومحركيها، والآن، يصل حوالي نصف الطائرات بدون طيار فقط إلى أهدافها.
وقال سيفونيسكو: «الروس لديهم كل شيء أكثر منا: المزيد من الناس، والمزيد من الأسلحة، والمزيد من القذائف، والمزيد من الذخيرة.. في النهاية، هذا يجعلنا ننسحب».
وقال روب لي، وهو زميل بارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية، إن النقص في القوات في أوكرانيا كان نتيجة للخسائر التي تكبدتها كييف خلال الهجوم الفاشل في الصيف الماضي. وأضاف: «القضية الأساسية هي أن أوكرانيا ليس لديها احتياطيات كافية».
وأكد أن إرسال القوات إلى كورسك يعني إخراجها من منطقة دونيتسك. وقال الجنود الأوكرانيون في الشرق إنهم أحبوا مشاهدة مقاطع الفيديو التي تظهر أوكرانيا وهي تضرب الأعمدة الروسية، لكنهم لم يقتنعوا بعد بأن إرسال قوات أوكرانية إلى روسيا سيؤتي ثماره.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2wsymb4w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"