عادي
التطوع دمجه بالمجتمع

عيسى الظاهري شاب إماراتي يتحدى الإعاقة

16:23 مساء
قراءة 4 دقائق
عيسى الظاهري خلال زيارته لمكتب «الخليج» بالعين

* أحب وطني وأسعى لأكون عنصراً فاعلاً فيه 
* جائحة «كورونا» شكلت فارقاً في حياتي
العين: منى البدوي
استطاع الشاب الإماراتي عيسى الظاهري، 30 سنة، أن يُبهر كل من يراه، لامتلاكه العديد من المهارات التي تتطلب استخدام الساعدين بالرغم من أنه ولد بيد واحدة انتهى نموها عند المفصل «الكوع»، ويمنى مكتملة تماماً، وبالرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهها فإنه استطاع تخطيها بالقوة والعزيمة ومساندة الأهل النفسية والمعنوية حتى بات متطوعاً وموظفاً، ويسعى لإكمال دراسته الجامعية وأيضاً الزواج.
تحديات عديدة واجهها عيسى حتى بات يمتلك شخصية مميزة تلفت النظر بقدرته على ممارسة عمله بنشاط بالغ ومستوى إتقان مرتفع جداً، وابتسامته التي لا تفارق محياه، وتعامله الأخلاقي والإنساني مع جميع من حوله حتى بالرد على أسئلة الأطفال الذين يقابلونه خلال تواجده في أي موقع، كما أنه شكل دافعاً لغيره من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لتجاوز العقبات النفسية والاجتماعية.
عبارات عديدة قالها عيسى خلال حديثه مع «الخليج» تعكس إيمانه بقضاء الله وقدره، ومدى وعي الأسرة وغرسها للعديد من الأخلاقيات والقيم والمبادئ التي مكنته من الانخراط في المجتمع دون خوف، وأيضاً بروح معنوية عالية وهمة ونشاط حيث يمارس السباحة وحصل على المركز الأول في أولمبياد بطولة العالم 2009 - 2010، ويقود مركبته ويهوى كرة القدم، ويقوم بكافة الأعمال المطلوبة منه، ويحرص على مساعدة الآخرين إذا تطلب الأمر.

عيسى الظاهري


قال الظاهري: «والدي وأشقائي من أهم العوامل التي ساعدتني على تخطي العقبات النفسية والاجتماعية منذ نعومة أظافري، حيث كنت أجد لديهم الدافع المعنوي والتشجيع على ممارسة الحياة بشكل طبيعي من دون خوف أو خجل، والإقبال على الحياة من دون تردد أو تفكير بنصف اليد التي لم يكتمل نموها».
وعن التحديات التي واجهها، ذكر أنه في مرحلة الطفولة كان يستفسر عن سبب عدم وجود يدين مكتملتين كغيره، وكان والده يحدثه دائماً عن مشيئة الله وقدره وضرورة الرضا بما كتبه الله، والحديث معه بكلمات يستطيع عقل الطفل أن يستوعبها حول الإمكانيات والهبات التي عوضه الله بها من قدرة على التفكير المتميز وممارسة جميع الأنشطة وغيرها من العبارات التي جعلته يشعر بقدرته على ممارسة الحياة بشكل طبيعي.
وأضاف، «أن التحديات النفسية الأصعب كانت في مرحلة المراهقة؛ حيث استطاع الفشل أن يتسلل إلى نفسي وهو ما جعلني أتوقف عن الدراسة بعد المرحلة الثانوية، ولم ألتحق بالجامعة، وقررت بعد فترة وجيزة أن أعمل في أي عمل مكتبي حيث أمتلك مهارات استخدام الكمبيوتر والطباعة بسرعة، وهنا تشكلت لديّ صدمة؛ حيث توجهت لبعض الجهات الخاصة طلباً للعمل وعند إجراء المقابلة أتفاجأ بالرفض بسبب يدي اليسرى، وعرضت ذات مرة على أحدهم أن يوظفني تحت التجربة لمدة 3 أشهر مجاناً ليتأكد من قدرتي على ممارسة العمل، إلا أنه رفض، ما سبّب لي الألم، وتوقفت عن التقدم لطلب العمل، واكتفيت بالتواجد ضمن حدود أسرتي وممارسة الرياضة والهوايات المختلفة».
وتابع: «شكلت جائحة «كورونا» فارقاً في حياتي، حيث شعرت بضرورة الاستجابة لنداء الوطن، والوقوف جنباً إلى جنب مع المتطوعين، وبالفعل التحقت مع المتطوعين في مجال تواجد الحافلات في المواقع السكنية لإجراء فحص كورونا، وكان عملي يقتصر على التنظيم، وخلال تلك الفترة كنت ألتقي يومياً عدداً كبيراً من الأفراد يصل أحياناً إلى 5 آلاف فرد، ما جعلني أكسر حاجز الخجل، وأتمكن من التعامل المباشر مع الناس».
وقال: «بعد انتهاء الجائحة التي ساهمت في كسر بعض القيود النفسية، قررت أن أعمل، وتقدمت لطلب العمل من خلال شركة «نافس» وتم توظيفي، لتأتي مرحلة جديدة في حياتي شكلت فارقاً نفسياً ومعنوياً واجتماعياً، حيث أشعر بمتعة كبيرة خلال التوجه للعمل، وأقوم بواجبي العملي على أكمل وجه، وأسعى دوماً لمساعدة الآخرين، وأخطط حالياً لاستكمال دراستي الجامعية والزواج».
وذكر أنه تم تصنيع يد خاصة له، إلا أنه لا يستخدمها؛ لأنه يستطيع أن يقوم بجميع المهام بدونها، حيث إنه يمارس السباحة، ويحظى بعضلات قوية تمكنه من حمل الأشياء بمفره، مشيراً إلى أنه يبدأ برفع الأشياء بيده اليسرى غير المكتملة ليتأكد من قدرته على رفعها ومن ثم يساعد نفسه بيده المكتملة النمو، ويستطيع أن يقود المركبات بمحركات أوتوماتيكية، وأيضاً عادية بدون أي عوائق، ويمارس العديد من الأنشطة ليثبت لنفسه أولاً ولغيره من أفراد المجتمع أن النقص ليس في الأعضاء، وإنما في العقل وطريقة التفكير فقط».
وأشار إلى أنه يتعرض لمواقف ترفع لديه الروح المعنوية، ومنها تعبير الناس له عن إعجابهم بشخصيته وقدرته على العمل وممارسة الحياة بشكل طبيعي.
وختم عيسى حديثه بقوله، «أحب وطني وأسعى لأن أكون عنصراً فاعلاً فيه كغيري من الشباب المواطن، وأقبل على الحياة بروح معنوية عالية، وأحب مساعدة الآخرين، وأبادر بها من دون أن يطلبوا مني، وأنصح جميع الشباب خصوصاً من أصحاب الهمم، بعدم الاستسلام وتطوير مهاراتهم الحياتية والعملية والمهنية ومواجهة التحديات بمختلف أنواعها وعدم الخوف أو التردد من مواجهة العقبات والانخراط بالمجتمع؛ وذلك لما لجميع هذه العناصر من أهمية وإيجابيات تنعكس على صاحب الهمة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yyevuc9y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"