المنح و«كورونا»

04:18 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد إبراهيم

مع إعلان نتائج الثانوية العامة كل عام، تشهد الجامعات منافسة كبيرة في طرح المنح بكل أشكالها، تحفيزاً للمتفوقين، وتعزيزاً لخطط استقطاب الطلبة المتميزين لعام أكاديمي جديد، هكذا جرت العادة في مجتمعاتنا الجامعية.
الأمر هذا العام جاء مختلفاً بشكل كبير، إذ لاحظنا تراجعاً في طرح المنح الدراسية بأنواعها، ورصدنا تواضعاً في مبادرات معظم الجامعات في هذا الشأن، وقد يعود السبب في هذا التراجع إلى الآثار السلبية التي نتجت عن انتشار فيروس كورونا المستجد.
ولكن، إن كانت التداعيات تمكنت من قطاعات، وأثرت سلباً في أخرى، وأصابتها بالشلل، إلا أن التراجع المشهود، في منح الجامعات، يبقى «غير مبرر»، ولا يستند إلى أسباب قوية تستحق التأييد، لاسيما وأن الإمارات نجحت في المحافظة على استمرارية التعليم، وطبقت خططاً ممنهجة، وضعت «نهاية سعيدة» للعام الدراسي المنصرف، بنجاح الأبناء وتميزهم في مختلف مراحل التعليم.
هل تعلم تلك الجامعات أن المنح الدراسية أداة تسهم في تعليم الكثير من الطلبة، لاسيما أبناء الأسر ذات الدخل المحدود، التي جعلت التميز والتفوق رأسمالها الحقيقي، الذي يُعينها على مواصلة تعليم أبنائها، واعتبرت المنح المطروحة وسيلة ترفع عنها معاناة نفقات التعليم ما بعد المدرسة، فباتت بالنسبة إليها فرصة يوظفها الوالدان للاستثمار في أبنائهم؟
الجامعات الحكومية سجلت حضوراً لافتاً في طرح المنح الدراسية هذا العام، على الرغم من كل التداعيات، في خطوة منها للمحافظة على خطط استقطاب الطلبة المتميزين، وتوظيف قدراتهم في مختلف التخصصات، لرفد سوق العمل بكفاءات وطنية متميزة من خريجي المستقبل.
على عكس قرارات المنح في الجامعات الخاصة، التي جاءت متأرجحة، إذ ركزت في رأيي على توفير النفقات، والتعامل بحذر مع التداعيات لتقليص الخسائر فقط، ولم تراع خطة الاستقطاب الانعكاسات الإيجابية من وجود الموهوبين والمتفوقين من خريجي الثانوية العامة، ولم تحرص على استقطاب بعضهم، متناسية فائدة التحاقهم في الارتقاء بمخرجاتها في المستقبل القريب.
جهود الدولة مشهودة في هذا الشأن، إذ إن المنح الدراسية في الدولة لم تقتصر على «المواطنين والمقيمين» في الداخل، فهناك برامج جديدة نوعية، أتاحت الفرص للطلبة المتميزين في مختلف الدول العربية، حيث ذللت المعوقات، وقلصت المسافات، والأميال، وأذابت موانع النفقات والمعاناة، ولم تشترط سوى «التميز العلمي»، للالتحاق بمؤسسات جامعية متميزة، تمكنهم من تحقيق آمالهم.
الاشتراطات التي وضعت من بعض الجامعات، تشكل قيوداً تعوق الفرص أمام المتميزين، لدرجة أن الأمر يبدو كأنه «غير حقيقي»، فعلى الإدارات إدراك أهمية الاستثمار في برامج المنح التي باتت حاضنة للعباقرة علماء المستقبل، لاسيما وأن المتفوقين هم الأكثر «التزاماً ودافعية وتميزاً» في التعليم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"