المعلمون و«كورونا»

04:48 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

المعلمون يمثلون المشاعل الحقيقية لمنابر العلم، ويشكلون خط الدفاع الأول لمسيرة بناء الأجيال، مهما كانت صعوبة الظروف وأياً كان حجم المخاطر، مع وجود فيروس «كورونا» أو عدمه، سواء أعُرفت أسبابه أم ما زال البحث جارياً، ذهبت خطورته أم بقيت.
التاريخ حسم قضية مكانة المعلم، وعظمة دوره في نهضة الأمم، وتأثيره عندما يرسم سيناريوهات مستقبل الأجيال بريشة «فنان»، فأهمية وجوده تحاكي جميع العصور من الكتاتيب إلى «الآي باد»، ومن الطاعون إلى «كوفيد-19»، فالتشكيك في جهوده وقدراته، أمر أقرب للمستحيل، سواء كنا في عصر التكنولوجيا أو العصر الحجري.
لا نتفق مع الآراء التي تشيع أن عطاء المعلم يتضاءل مع تطوير نظم التعليم، التي تستند في مكوّناتها إلى توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في بناء الأجيال، ونحن ضد الذين يتخذون من الظاهرة الوقتية التي أصابت المعلمين مؤخراً، وجعلت الملايين يفقدون وظائفهم خلال جائحة «كورونا»، كبرهان ودليل على أن العصر القادم ليس للمعلم.
ما يحدث يا سادة تداعيات أزمة، فرضت على الحكومات والمجتمعات، إعادة النظر في هياكلها، والاستغناءات سواء كانت جبرية أو اختيارية، ما هي إلا نقطة تحول جديدة في منظومة العلم، وفق متغيرات ومستجدات، وفرصة لإعادة تأهيل المعلمين بحسب الاحتياجات المهنية التي تريدها الأنظمة في المستقبل القريب، وليس كما يعتقد البعض خطأً أنها نهاية عصر مربي الأجيال؛ فالمعلم قيمة تصلح لكل العصور.
في الأمس القريب وقبل مجيء «كورونا»، تفانى المعلم في أداء دوره، ولم يتوانَ في إيصال الرسالة بأمانة ومسؤولية، يعمل بلا كلل أو ملل، ويتحمل الأعباء بلا شكوى أو عتاب، يطوّر من ذاته ومهنيته باستمرار لمواكبة التطورات، وفي عصر «كورونا» كان جندياً حقيقياً في ميدان العلم، يناضل لمستقبل الأجيال، وعلى الرغم من مضاعفة الأعباء والمسؤوليات، وجدناه مناضلاً داخل الفصول ومن خلف شاشات «الآي باد».
إذا أردنا أن نصنع مجتمعاً فعلينا بصناعة المعلم، وإذا أردنا النهوض بأمّة فعلينا بتعزيز مكانته، والتأكيد على أهمية دوره، فالمجتمع بمضمونه ومكوناته واتجاهاته ومخرجاته، يسبح في فلك حكمة المعلم وقدرته على بناء الأجيال وإخلاصه وحبه لمهنته ورسالته، أما عن التكنولوجيا فيجب أن ندرك أنها وسيلة للارتقاء بالمخرجات، وليست لبناء وتربية الأجيال.
في ظل الظروف الراهنة، وأمام أدوار المعلمين العظيمة، وما يبذلونه من جهود مشرقة، دفاعاً عن منابر العلم ومستقبل الأبناء، فإنهم يستحقون مبادرة على شاكلة «حياكم»؛ إذ يمثلون خط الدفاع الأول لميادين العلم، فتحفيزهم على مواصلة المسيرة «ضرورة»، ورعاية أبنائهم «واجب وطني»، على جميع فئات المجتمع، لاسيما مع بقاء خطورة «كوفيد-19» في المجتمعات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"