بالأمل نصعد وبالخير نعود

03:32 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبد الخالق

تلخص وثيقة الأمم المتحدة فوائد غزو الفضاء بقولها إنه يجعل الحياة على الأرض أفضل.. عندما ننطلق بالأمل لن نعود إلا بالخير.

من حين إلى آخر تتعرض وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» لانتقادات تزعم أن ميزانيتها المتضخمة ترهق دافع الضرائب بأكثر مما يجب وأن عائدات أبحاث الفضاء ورحلات استكشافه التي تقوم بها لا تتناسب مع إنفاقها الضخم الذي تجاوز 21 مليار دولار في ميزانية 2019.

لا تجد هذه الأصوات تجاوباً كبيراً من الرأي العام الأمريكي. ولا تلبث أن تتلاشى أمام الاكتشافات المبهرة لحقائق الكون وأسراره، والفوائد الضخمة التي تجنيها البشرية من استخدام تطبيقات عملية بدأت أساساً لخدمة رحلات الفضاء ثم وجدت طريقها للاستخدام في شتى مجالات الحياة.

قبل عامين تقريباً أثيرت في أمريكا ضجة محدودة من هذا النوع بسبب قفزة جديدة في ميزانية «ناسا» وهو ما دفع كاتب هذه السطور للقيام بمحاولة متواضعة لرصد الحقائق القاطعة التي تؤكد أن رحلات الفضاء وأبحاثه عادت بالخير على البشرية وأن ما أنفق عليها لم يذهب هباء.

بين عشرات الأبحاث والتقارير التي نقبت فيها عن الأدلة العلمية كانت هناك وثيقة صدرت حديثاً عن لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، وهي إحدى مجموعات العمل التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة. صدرت الوثيقة بمناسبة الدورة الحادية والستين التي عقدتها اللجنة في فيينا في الفترة من 20 إلى 29 يونيو/ حزيران 2018 وحملت عنوان الشراكة العالمية من اجل الاستكشاف والابتكار في مجال الفضاء.

من خلال هذه الوثيقة علمت للمرة الأولى بوجود برنامج لأبحاث الفضاء تابع لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأن هناك خطة تنفذها الدولة لبناء وإطلاق مركبة فضائية لاستكشاف المريخ، وهو ما أصبح معروفاً بعد ذلك باسم مسبار الأمل الذي اكتملت الاستعدادات لإطلاقه.

أوضحت الوثيقة أن استكشاف المريخ حلقة ضمن جهد عالمي للعديد من الدول المتقدمة والنامية لاستكشاف الفضاء لأهداف علمية وبحثية. وفي موضع آخر أشارت إلى اهتمام الإمارات مبكراً بالعلوم الفضائية، وأنها في هذا الإطار استضافت المنتدى الأول الذي نظمه مكتب شؤون الفضاء الخارجي ضمن سلسلة منتديات لبحث إدماج الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية الخاصة بالفضاء الخارجي على نحو متكامل سعياً لتحقيق تنمية عالمية مستدامة.

أهم ما صدر عن الملتقى الذي عقد في دبي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 كان الاتفاق على اعتبار دراسة وارتياد الفضاء محركاً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن هناك حاجة لتوسيع نطاق الوصول للفضاء.

وهكذا كانت الوثيقة تفند وتنسف في كل سطر من سطورها دعاوى المتشككين في جدوى غزو الفضاء واستكشافه لخير الإنسانية. وبعد أقل من عامين على صدورها كانت الإمارات قد أنجزت خطوتها العملية باستكمال بناء مسبار الأمل تمهيداً لإطلاقه إلى المريخ.

توضح التقارير المتخصصة أن نتائج وتطبيقات أبحاث الفضاء امتدت إلى مختلف المجالات الطبية والتكنولوجية والزراعية والصناعية. وأنها باتت ركيزة أساسية في الحلول الخاصة بالتغيرات المناخية بما في ذلك التصحر وارتفاع درجة حرارة الأرض، وذوبان الجليد، وما يرتبط بذلك من كوارث إنسانية واقتصادية أصبح من الممكن تفادي الكثير منها.

وخلال السنوات الأخيرة توسعت المؤسسات الصناعية والعلمية في الاستفادة من الأبحاث والابتكارات التي تم تطويرها خصيصاً لخدمة البرامج الفضائية. وعلى سبيل المثال فإن الأشعة السينية المستخدمة في الفحوص الطبية لاسيما اكتشاف سرطان الثدي بدأت في معامل الفضاء مثلها مثل عدسات النظارات العاكسة للضوء أو المقاومة للخدش، وعقاقير هشاشة العظام، والمكملات الغذائية المكثفة، والوجبات المجففة، وحتى أجهزة المايكروويف المستخدمة في مطابخنا، كلها اختراعات طورها العلماء في البداية لخدمة رواد الفضاء ثم أصبحت في خدمة المواطن العادي.

قائمة المساهمات تطول وتشمل أيضاً تكنولوجيا إعادة استخدام المياه، وتوليد الطاقة، والاتصالات اللاسلكية، وكاميرات التصوير الدقيقة في الهواتف، ورصد تجمعات المياه الجوفية، والمعادن، وغيرها مما يصعب حصره في هذا المساحة. تلخص وثيقة الأمم المتحدة فوائد غزو الفضاء بقولها إنه يجعل الحياة على الأرض أفضل.

عندما ننطلق بالأمل لن نعود إلا بالخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"